منه بل عصى أباه كما عصى الله فأوى إلى الجبل الذي أراده فعلاً الماء عليه ولم يمكنه بعد ذلك اللحاق بأبيه ولا الوصول إليه: ﴿وحال بينهما﴾ أي بين الابن والجبل أو بينه وبين أبيه ﴿الموج﴾ المذكور في قوله ﴿في موج كالجبال﴾ ﴿فكان﴾ أي الابن بأهون أمر ﴿من المغرقين*﴾ وهم كل من لم يركب مع نوح عليه السلام من جميع أهل الأرض؛ قال أبو حيان: قل كانا يتراجعان الكلام فما استتمت لمراجعة حتى جاءت موجة عظيمة وكان راكباً على فرس قد بطر وأعجب بنفسه فالتقمته وفرسه وحيل بينه وبين نوح عليه السلام فغرق - انتهى. والركوب: العلو على ظهر الشيء، ركب الدابة والسفينة والبر والبحر؛ والجري: مر سريع؛ يقال: هذه العلة تجري في أحكامها، أي تمر من غير مانع، والموج جمع موجة - لقطعة عظيمة من الماء الكثير ترتفع عن حملته، وأعظم ما يكون ذلك إذا اشتدت الريح؛ والجبل: جسم عظيم الغلظ شاخص من الأرض هو لها كالوتد؛ والعصمة: المنع من الآفة ﴿وقيل﴾ أي بأدنى إشارة بعد هلاك أهل الأرض وخلوها من الكافرين وتدمير من في السهول والجبال من الخاسرين، وهو من إطلاق المسبب - وهو القول - على السبب - وهو لإرادة - لتصوير أمر ومأمور هو في غاية الطاعة فإنه أوقع في النفس.


الصفحة التالية
Icon