كذباً منهم إرادة أن يقلبوا قلوبكم عما اعتقدتم فيهم ﴿لتعرضوا عنهم﴾ أي إعراض الصفح عن معاتبتهم ﴿فأعرضوا عنهم﴾ إعراض المقت؛ روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «لا تجالسوهم ولا تكلموهم» ثم علل وجوب الإعراض بقوله ﴿إنهم رجس﴾ أي لا يطهرهم العتاب فهو عبث.
ولما كان من المقرر أنه لا بد لهم من جزاء، وأن النفس تتشوف إلى معرفته، قال: ﴿ومأواهم﴾ أي في الآخرة ﴿جهنم جزاء﴾ أي لأجل جزائهم ﴿بما كانوا يكسبون*﴾ أي فلا تتكلفوا لهم جزاء غير ذلك بتوبيخ ولا غيره؛ المرتبة؛ الثالثة الحلف للرضى عنهم فقال: ﴿يحلفون لكم﴾ أي مجتهدين في الحلف بمن تقدم أنهم يحلفون به وهو الله ﴿لترضوا عنهم﴾ خوفاً من غائلة غضبكم ﴿فإن ترضوا عنهم﴾ أي لمجرد أيمانهم المبني على عدم إيمانهم ﴿فإن الله﴾ أي الذي له الغنى المطلق ﴿لا يرضى﴾ عنهم، هكذا كان الأصل ولكنه قال: ﴿عن القوم الفاسقين*﴾ إشارة إلى تعليق الحكم بالوصف وتعميماً لكل من اتصف بذلك، والمعنى أنه لا ينفعهم رضاكم وتكونون به مخالفين الله، فهو في الحقيقة نهي للمؤمنين عن الرضى عنهم، أبرز في هذا الأسلوب العجيب المرقص، وفي ذلك رد على من يتوهم أن رضى المؤمنين لو رضوا عنهم يقتضي رضى الله، فإن ذلك رد نزعة مما يفعل الأحبار والرهبان في رضاهم وغضبهم وتحليلهم وتحريمهم الذي يعتقد أتباعهم أنه عن الله تعالى.