أعز الناس عليّ ولهم قدرة على ما طلب منهم ﴿استغفروا ربكم﴾ أي اطلبوا غفرانه بطاعتكم له لما يجب له بإحسانه إليكم. وأشار إلى علو رتبة التوبة بأداة التراخي فقال: ﴿ثم توبوا إليه﴾ أي تسموا عالي هذه الرتبة بأن تطلبوا ستر الله لذنوبكم ثم ترجعوا إلى طاعته بالندم والإقلاع والاستمرار ﴿يرسل السماء﴾ أي الماء النازل منها أو السحاب بالماء ﴿عليكم مدراراً﴾ أي هاطلة بمطر غزير متتابع ﴿ويزدكم قوة﴾ أي عظيمة مجموعة ﴿إلى قوتكم﴾ ثم عطف على قوله ﴿استغفروا﴾ قوله: ﴿ولا تتولوا﴾ أي تكلفوا أنفسكم غير ما جبلت عليه من سلامة الانقياد فتبالغوا في الإعراض - بما أشار إليه إثبات التاء ﴿مجرمين*﴾ أي قاطعين لأنفسكم - ببناء أمركم على الظنون الفاسدة عن خيرات الدنيا والآخرة.
ولما محّض لهم النصح على غاية البيان، ما كان جوابهم إلا أن ﴿قالوا﴾ أي عاد بعد أن أظهر لهم هود عليه السلام من المعجزات ما مثله آمن عليه البشر ﴿يا هود﴾ نادوه باسمه غلظة وجفاء ﴿ما جئتنا ببينة﴾ فأوضحوا لكل ذي لب أنهم مكابرون لقويم العقل وصريح النقل، فهم مفترون كما كان العرب يقولون للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن أتاهم من الآيات على يده ما يفوت الحصر {لولا أنزل عليه


الصفحة التالية
Icon