فهو يضطرب لذلك، أو لأجل الرعب من لوط عليه السلام أو من الملائكة عليهم السلام.
ولما كان وجدانهم - فكيف عصيانهم - لم يستغرق زمن القبل، أدخل الجار فقال: ﴿ومن قبل﴾ أي قبل هذا المجيء ﴿كانوا﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿يعملون﴾ أي مع الاستمرار ﴿السيئات﴾ أي الفواحش التي تسوء غاية المساءة فضربوا بها ومرنوا عليها حتى زال عندهم استقباحها، فهو يعرف ما يريدون، وكأنهم كانوا لا يدعون مليحاً ولا غيره من الغرباء، فلذلك لم يذكر أن الرسل عليهم السلام كانوا على هيئة المرد الحسان، ولا قيد الذكران في قصتهم في موضع من المواضع بالمرودية. فكأنه قيل: فما قال لهم؟ فقيل: ﴿قال يا قوم﴾ مستعطفاً لهم ﴿هؤلاء بناتي﴾ حادياً لهم إلى الحياء والكرم.
ولما كان كأنه قيل: ما نفعل بهن؟ قال: ﴿هن﴾ ولما كان في مقام المدافعة باللين، قال إرخاء للعنان في تسليم طهارة ما يفعلونه على زعمهم مشيراً بلطافة إلى خبث ما يريدونه: ﴿أطهر لكم﴾ وليس المراد من هذا حقيقته، بل تنبيه القوم على أنهم لا يصلون إليهم إلا إن وصلوا إلى بناته لأن الخزي فيهما على حد سواء أو في الضيف أعظم، ومثل


الصفحة التالية
Icon