إقرار بأنه محل التقصير، أخبر بأنه لا يزال يجدد التوبة لعظم الأمر، وعبر عن ذلك بعبارة صالحة للتحذير من يوم البعث تهديداً لهم فقال منبهاً على معرفة المعاد ليكمل الإيمان بالله واليوم الآخر: ﴿وإليه﴾ أي خاصة ﴿أنيب*﴾ أي أرجع معنى سبقي للتوبة وحساً تيقني بالبعث بعد الموت؛ والوفيق: خلق قدرة ما هو وفق الأمر من الطاعة، من الموافقة للمطابقة؛ والتوكل على الله: تفويض الأمر إليه على الرضاء بتدبيره مع التمسك بطاعته.
ولما بين لهم عذره بما انتفت به تهمته، أتبعه بما يدلهم على أن الحق وضح لهم وضوحاً لم يبق معه إلا المعاندة، فحذرهم عواقبها وذكرهم أمر من ارتكابها فقال: ﴿ويا قوم﴾ وأعز الناس عليّ ﴿لا يجرمنكم﴾ أي يحملنكم ﴿شقاقي﴾ أي شقاقكم لي على ﴿أن يصيبكم﴾ من العذاب ﴿مثل ما﴾ أي العذاب الذي ﴿أصاب قوم نوح﴾ بعد طول أعمارهم وتنائي أقطارهم ﴿أو قوم هود﴾ على شدة أبدانهم وتمادي أمانهم ﴿أو قوم صالح﴾ مع نحتهم البيوت من الصخور وتشييدهم عوالي القصور.
ولما كان للمقاربة أثر المشاكلة والمناسبة، غير الأسلوب تعظيماً للتهويل فقال: ﴿وما قوم لوط﴾ أي على قبح أعمالهم وسوء


الصفحة التالية
Icon