لأنه لم يتقدم وعيد بوقت معين - كما في قصتي صالح ولوط عليهما السلام - يتسبب عنه المجيء ويتعقبه: ﴿ولما جاء أمرنا﴾ أي تعلق إرادتنا بالعذاب ﴿نجينا﴾ بما لنا من العظمة ﴿شعيباً﴾ أي تنجية عظيمة ﴿والذين آمنوا﴾ كائنين ﴿معه﴾ منهم ومما عذبناهم به، وكان إنجاءنا لهم ﴿برحمة منا﴾ ولما ذكر نجاة المؤمنين، أتبعه هلاك الكافرين فقال: ﴿وأخذت الذين ظلموا﴾ أي أوقعوا الظلم ولم يتوبوا ﴿الصيحة﴾ وكأنها كانت دون صيحة ثمود لأنهم كانوا أضعف منهم فلذلك أبرز علامة التأنيث في هذه دون تلك.
ولما ذكر الصيحة ذكر ما تسبب عنها فقال: ﴿فأصبحوا﴾ أي في الوقت الذي يتوقع الإنسان فيه السرور وكل خير ﴿في ديارهم جاثمين*﴾ أي ساقطين لازمين لمكانهم.
ولما كان الجثوم قد لا يكون بالموت، أوضح المراد بقوله: ﴿كأن لم يغنوا فيها﴾ أي لم يقيموا في ديارهم أغنياء متصرفين مترددين مع الغواني لاهين بالغناء؛ ولما كان مضمون ذلك الإبعاد أكده بقوله: ﴿ألا بعداً لمدين﴾ بعداً مع أنه بمعنى ضد القرب معه هلاك، فهو من بعد بالكسر وأيد ما فهمته من أن أمرهم كان أخف من أمر ثمود بقوله: ﴿كما بعدت ثمود﴾.
ولما كان شعيب ختن موسى عليهما السلام، كان ذكر قصته هنا


الصفحة التالية
Icon