والفضل ﴿الناس﴾ أي كل من فيه أهلية التحرك والاضطراب وما ثمّ يوم غيره يكون بهذه الصفة أصلاً.
ولما لم يسبقه يوم اجتمع فيه جميع الخلق من الجن والإنس والملائكة وجميع الحيوانات أحياء، وكان ذلك مسوغاً لأن تعد شهادة غيره عدماً فقال تعالى: ﴿وذلك﴾ أي اليوم العظيم ﴿يوم مشهود*﴾ أي هو نفسه لهم ولغيرهم من جميع الخلق، فيكون تنوينه للتعظيم بدلالة المقام، أو يكون المعنى أنه أهل لأن يشهد، وتتوفر الدواعي على حضوره لما فيه من عجائب الأمور والأهوال العظام والمواقف الصعبة، فلا يكون ثم شغل إلا نظر ما فيه والإحاطة بحوادثه خوف التلاف ورجاء الخلاص؛ والآية: العلامة العظيمة لما فيها من البيان عن الأمر الكبير؛ والخوف: انزعاج النفس بتوقع الشر، وضده الأمن وهو سكون النفس بتوقع الخير؛ والعذاب: استمرار الألم.
ولما تقدم قولهم ﴿ما يحبسه﴾ كان كأنه قيل في الرد عليهم: نحن قادرون على تعجيله، وهو - كما أشرنا إليه في هذه الآية - عندنا متى شئنا في غاية السهولة: ﴿وما نؤخره﴾ أي اليوم أو الجزاء مع ما لنا من العظمة والقدرة التامة على إيجاده لشيء من الأشياء ﴿إلا لأجل﴾ أي لأجل انتهاء أجل ﴿معدود*﴾ سبق في الأزل تقديره ممن لا يبدل القول لديه وكل شيء في حكمه، فهو لا يخشى الفوت؛ ومادة «أجل» بتراكيبها الأربعة: أجل وجأل وجلأ ولجأ تدور على المدة المضروبة للشيء، فالأجل - محركة: مدة الشيء وغاية الوقت في الموت وحلول الدين