سورة الأنبياء: الزفير خروج أنفاسهم، والشهيق: ولوج أنفسهم؛ وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الزفير: الصوت الشديد، والشهيق: الصوت الضعيف، وعن الضحاك ومقاتل: الزفير أول نهيق الحمار، والشهيق آخره حين يفرغ من صوته إذا رده في جوفه، وسيأتي كلام الزماني في ذلك ﴿خالدين فيها﴾ أي بلا انقطاع، وعبر عنه بقوله جرياً على أساليب العرب: ﴿ما دامت السماوات والأرض﴾.
ولما كان له شيء لا يقبح منه شيء وهو قادر على كل شيء، دل على ذلك بقوله: ﴿إلا ما شاء﴾ أي مدة شاءها فإنه لا يحكم لهم بذلك فيها فلا يدخلونها.
ولما كان الحال في هذه السورة مقتضياً - كما تقدم - لتسلية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما أخبر به سبحانه في قوله ﴿فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك﴾ - الآية، من ضيق صدره، ولذلك أتى بهذه القصص كما مضى بيان ذلك، عبر باسم الرب إشارة إلى أنه يحسن إليه بكل ما يسر قلبه ويشرح صدره فقال: ﴿ربك﴾ وقد جرى الناس في هذا الاستثناء على ظاهره ثم أطالوا الاختلاف في تعيين المدة المستثناة، والذي ظهر لي - والله أعلم - أنه لما تكرر الجزم بالخلود في الدارين وأن الشرك لا يغفر والإيمان موجب للجنة فكان ربما ظن أنه لا يمكن غير ذلك كما ظنه المعتزلة لا سيما إذا تؤمل القطع في مثل قوله ﴿أن الله لا يغفر أن يشرك به﴾ مع تقييد غيره بالمشيئة في قوله ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾


الصفحة التالية
Icon