فكيف بالأقارب فكيف بالآباء! فأقم عليهم الحجة بإبلاغ جميع ما نأمرك به كما فعل من قصصنا عليك أنباءهم من إخوانك من الرسل غير مخطر في البال شيئاً مما قد يترتب عليه إلى أن ينفذ ما نريد من أوامرنا كما سبق في العلم فلا تستعجل فإنا ندبر الأمر في سفول شأنهم وعلو شأنك كما نريد ﴿وإنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿لموفوهم نصيبهم﴾ من الخير والشر من الآجال وغيرها وما هو ثابت ثباتاً لا يفارق أصلاً؛ ولما كانت التوفية قد تطلق على مجرد الإعطاء وقد يكون ذلك على التقريب، نفى هذا الاحتمال بقوله: ﴿غير منقوص﴾ والنصيب: القسم المجعول لصاحبه كالحظ؛ والمنقوص: المقدار المأخوذ جزء منه؛ والنقص: أخذ جزء من المقدار.
ولما ذكر في هذه الآية إعراضهم عن الإتباع مع ما أتى به من المعجزات وأنزل عليه من الكتاب، سلاه بأخيه عليهما السلام لأن الحال إذا عم خف، وابتدأ ذكره بحرف التوقع بما دعا إلى توقعه من قرب ذكره مع فرعون مع ذكر كتابه أول السورة فقال تعالى: ﴿ولقد آتينا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿موسى الكتاب﴾ أي التوراة الجامعة للخير.
ولما كان الضار والمسلي نفس الاختلاف، بني للمفعول قوله: ﴿فاختلف فيه﴾ فآمن به قوم وكفر به آخرون مع أنه إمام ورحمة