أي التي تلقى المعذب فيها بالتجهم والعبوسة ﴿من الجنة﴾ أي قبيل الجن، قدمهم لأنهم أصل في الشر، ثم عم فقال: ﴿والناس أجمعين*﴾ فمشوا على ما أراد ولم يمكنهم مع عقولهم الجيدة الاستعدد وقواهم الشداد غير إلقاء القياد، فمن قال: إنه يخلق فعله أو له قدرة على شيء فليفعل غير ذلك بأن يخبر باتفاقهم ثم يفعله ليتم قوله.
وإلا فليعلم أنه مربوب مقهور فيسمع رسالات ربه إليه بقالبه وقلبه.
ولما أخبر سبحانه بما فعل بالقرى الظالمة، وحذر كل من فعل أفعالهم بسطواته في الدنيا والآخرة، وأمر باتباع أمره والاعراض عن اختلافهم الذي حكم به وأراده، عطف على قوله ﴿نقصه عليك﴾ قوله: ﴿وكلاًّ نقص﴾ أي ونقص ﴿عليك﴾ كل نبأ أي خبر عظيم جداً ﴿من أنباء الرسل﴾ مع أممهم: صالحيهم وفاسديهم، فعم تفخيماً للأمر، ولما كان الذي جرّ هذه القصص ما مضى من قوله: ﴿فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك﴾، وكان ساكن الصدر القلب، وهو الفؤاد الذي به قوام الإنسان بل الحيوان، وهو أحرّ ما فيه، ولذا عبر عنه بما اشتق من الفأد وهو


الصفحة التالية
Icon