الظاهر: فله كان الأمر كله ظاهراً وباطناً ﴿وإليه﴾ أي وحده ﴿يرجع﴾ بعد أن كان ظهر للجاهل أن خرج عنه؛ والرجوع: ذهاب الشيء إلى حيث ابتدأ منه ﴿الأمر كله﴾ في الحال على لبس وخفاء، وفي المال على ظهور واتضاح وجلاء، فهو شامل القدرة كما هو شامل العلم، فلا بد من أن يرجع إليه أمرك وأمر أعدائك، أي يعمل فيه عمل من يرجع إليه الأمر فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ولذلك سبب عن إسناد الأمور كلها إليه قوله: ﴿فاعبده﴾ أي وحده عبادة لا شوب فيها ﴿وتوكل﴾ معتمداً في أمورك كلها ﴿عليه﴾ فإنه القوي المتين، وفي تقديم الأمر بالعبادة على التوكل تنبيه على أنه إنما ينفع العابد.
ولما كانت العادة جارية بأن العالم قد يغفل، نزه عن ذلك سبحانه نفسه فقال مرغباً مرهباً: ﴿وما ربك﴾ أي المحسن إليك بما يعمله بإحاطة عمله إحساناً، وأغرق في النفي فقال: ﴿بغافل عما تعملون*﴾ ولا تهديد أبلغ من العلم، وهذا بعينه مضمون قوله تعالى ﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير الا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير﴾ [هود ١ - ٢].