فهو تعليل لعبادته لوحدانيته، فيحيون بعد الموت ويحشرون إلى موضع جزاء الله تعالى لهم زمانه الذي قدره له، ويرفع ما كان لهم من المكنة في الدنيا، فعلم قطعاً أنه لا بد من الرسول، فاستعدوا للقاء هذا الملك الأعظم بكل ما أمركم به الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ثم أوضح التنبيه على قدرته مضمناً له بيان حكمته فقال معللاً لوجوب المرجع إليه مؤكداً عداً لهم في عداد المنكر للابتداء لأجل إنكارهم ما يلزم عنه من تمام القدرة على البعث وغيره: ﴿إنه يبدأ الخلق﴾ أي ينشئه النشأة الأولى، له هذه الصفة متجددة التعلق على سبيل الاستمرار ﴿ثم يعيده﴾ ليقيم العدل في خلقه بأن ينجز لمن عبده، وعده بأن يعزه ويذل عدوه وذلك معنى قوله: ﴿ليجزي﴾.
ولما كان في سياق البعث، قدم أهل الجزاء وبدأ بأشرافهم فقال: ﴿الذين آمنوا﴾ أي أوجدوا هذا الوصف الذي هو الأساس المتقن لكل عمل صالح ﴿وعملوا﴾ أي وصدقوا إيمانهم بأن عملوا ﴿الصالحات﴾ جزاء كائناً ﴿بالقسط﴾، واقتصر على العدل دون الفضل ليفهم أن ترك الحشو مخل بالعمل الذي هو محط الحكمة التي هي أعظم مصالح السورة، والجزاء: الإعطاء بالعمل ما يقتضيه من خير أو شر، فلو كان الإعطاء ابتداء لم يكن جزاء، ولو كان