سبيل التجدد والاستمرار ﴿ربهم﴾ أي المحسن إليهم ﴿بإيمانهم﴾ أي بسبب تصديقهم وإذعانهم لمعرفة الآيات التي غفل عنها الذين يأملون البقاء ولا يرجون اللقاء، فقادتهم إلى دار السلام، وهذا كما كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم بعد إسلامهم يشتد تعجبهم مما كان من تباطئهم عن الإسلام، وكما ترى أنك تخنق على بعض الكملة فلا يدعك حظ النفس ترى له حسنة، ثم أنك قد ترضى عنه فتراه كله محاسن.
ولما ذكر أم مآل القسم الأول النار، ذكر مآل هذا القسم في معرض سؤال من يقول: ماذا تورثهم هدايتهم؟ فقيل له: ﴿تجري﴾ وأشار إلى قرب منال المياه وانكشافها عن كل ما ينتفع به في غير ذلك بإثبات الجار فقال: ﴿من تحتهم﴾ أي تحت غرفهم وأسرّتهم وغير ذلك من مشتهياتهم كقوله تعالى ﴿قد جعل ربك تحتك سرياً﴾ [مريم: ١٤] وكذا قول فرعون ﴿وهذه الأنهار تجري من تحتي﴾ [الزخرف: ٥١] ﴿الأنهار﴾ كائنين ﴿في جنّات النعيم﴾ أي التي ليس فيها من غيره.
ولما كان الواجب على العباد أولاً تنزيهه تعالى عن النقائض التي أعظمها الإشراك. وكان من فعل ذلك سلم من غوائل الضلال فربح نفسه فعرف ربه وفاز في شهود حضرته بمشاهدة أوصاف الكمال، أشار التسليك في ذلك بقوله: ﴿دعواهم﴾ أي دعاؤهم العظيم الثابت


الصفحة التالية
Icon