من العظمة التي من أمنها كان أضل من الأنعام ﴿في طغيانهم﴾ أي تجاوزهم للحدود تجاوزاً لا يفعله من له أدنى روية ﴿يعمهون﴾ أي يحكم مشيئتنا السابقة في الأزل عمياً عن رؤية الآيات صماً عن سماع البينات؛ والتعجيل: تقديم الشيء على وقته الذي هو أولى به؛ والشر: ظهور ما فيه الضر، وأصله الإظهار من قولهم: شررت الثوب - إذا أظهرته للشمس، ومنه شرر النار -لظهوره بانتشاره؛ والطغيان: الغلو في ظلم العباد؛ والعمه، شدةُ الحيرة.
ولما بين تعالى أن دأبهم استعجالهم بالخير، وكان منه استكشاف الضر، بينَ أن حالهم عنده الاعتراف، وشكرهم على النجاة منه الإنكار فدأبهم الطغيان والعمه، وذلك في غاية المنافاة لما يدعونه من رجاحة العقول وإصالة الآراء وسلامة الطباع، فالحاصل أن الانسان عند البلاء غير صابر، وعند الرجاء غير شاكر، فكأنه قيل: فإذا مس الإنسان منهم الخير كان في غفلة بالفرح والأشر والمرح ﴿وإذا مسَّ الإنسان﴾ منهم ﴿الضر﴾ وإن كان من جهة يتوقعها لطغيان هو فيه ولا ينزع عنه خوفاً مما يتوقعه من حلول الضر لشدة طغيانه وجهله ﴿دعانا﴾ مخلصاً معترفاً بحقنا عالماً بما لنا من كمال العظمة عاملاً بذلك معرضاً عما ادعاه شريكاً لنا كائناً ﴿لجنبه﴾ أي مضطجعاً حال إرادته للراحة، وكأنه عبر باللام إشارة إلى أن ذلك أسر أحواله إليه ﴿أو قاعداً﴾ أي متوسطاً في أحواله ﴿أو قآئماً﴾ أي في غاية السعي في