﴿نفسي﴾ إشارة إلى الرد عليهم في إنكار تبديل الذي أنزله بالنسخ بحسب المصالح كما أنزل أصله لمصلحة العباد مع نسخ الشرائع الماضية به، فأنتج ذلك قطعاً قوله: ﴿إن أتبع﴾ أي بغاية جهدي ﴿إلاّ ما﴾ ولما كان قد علم أن الموحي إليه الله قال ﴿يوحى إلي﴾ أي سواء كان بدلاً أو أصلاً؛ ثم علل ذلك بقوله مؤكداً لإنكارهم مضمونه: ﴿إني أخاف﴾ أي على سبيل التجدد والاستمرار ﴿إن عصيت ربي﴾ أي المحسن إليّ والموجد لي والمربي والمدبر بفعل غير ما شرع لي ﴿عذاب يوم عظيم﴾ فإني مؤمن به غير مكذب ولا شاك كغيري ممن يتكلم من الهذيان بما لا يخاف عاقبته في ذلك اليوم، وإذا خفته - مع استحضار صفة الإحسان - هذا الخوف فكيف يكون خوفي مع استحضار صفة الجلال. ولما تم ما دفع به مكرهم في طعنهم، اتبعه بعذره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإبلاغ على وجه يدل قطعاً على أنه كلام الله وما تلاه إلاّ بإذنه فيجتث طعنهم من أصله ويزيله بحذافيره فقال: ﴿قل﴾ أي لهم معلماً أنه سبحانه إما أن يشاء الفعل وإما أن يشاء عدمه وليست ثَمّ حالة سكوت أصلاً ﴿لو شآء الله﴾ أي الذي له العظمة كلها أن لا أتلوه عليكم ﴿ما تلوته﴾ أي تابعت قراءته ﴿عليكم ولآ أدراكم﴾ أي أعلمكم على وجه المعالجة هو سبحانه ﴿به﴾ على لساني؛ ولما كان ذكر ذلك أتبعه السبب المعرف به فقال: ﴿فقد لبثت فيكم عمراً﴾