الكافرون إن هذا لسحر مبين} دال على أنهم قسمان: كافر ومؤمن؛ والأمة: الجماعة على معنى واحد في خلق واحد كأنها تؤم - أي تقصد - شيئاً واحداً؛ ثم قال تعالى عطفاً على قوله ﴿ويعبدون﴾ :﴿ويقولون﴾ أي أنهم لما أتتهم البينات قالوا: ائت بقرآن غير هذا، كافرين بمنزلها عابدين من دونه ما لا يرضى عاقل بتسويته بنفسه فكيف بعبادته قائلين بفرط عنادهم وتماديهم في التمرد ﴿لولا﴾ أي هلا ولم لا ﴿أنزل﴾ أي بأيّ وجه كان ﴿عليه آية﴾ أي واحدة كائنة وآتية ﴿من ربه﴾ أي المحسن إليه غير ماجاء به وذلك إما لطلبهم آية ملجئة لهم إلى الإيمان أو لكونهم لم يعدوا ما أنزل عليه عداد الآيات فضلاً عن كونها بينات، وكفى بالقرآن وحده آية باقية على وجه الدهر بديعة في الآيات دقيقة المسلك بين المعجزات مع عجزهم عن معارضته بتبديل أو غيره، فأيّ عناد أعظم من هذا.
ولما كان في ذلك شوب من الاستفهام، قال مسبباً عن قولهم: ﴿فقل﴾ قاصراً قصراً حقيقياً ﴿إنما الغيب﴾ أي الذي عناه عيسى عليه السلام بقوله
﴿ولا أعلم ما في نفسك﴾ [المائدة: ١١٦] وهو ما لم يطلع عليه مخلوق أصلاً ﴿لله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة وحده، لا علم لي بعلة عدم إنزال ما تريدون، وهل تجابون إليه أو لا.