تحدَّث المؤلّف عن منهجه وطريقته فذكر اختلافه على العلماء منذ الصغر، واجتهاده في الاقتباس من علم التفسير الذي هو أساس الدِّين ورأس العلوم الشَّرعيّة، ومواصلته ظلام الليل بضوء الصباح، بعزم أكيد وجهد جهيد، حتى رزقه ما عرف به الحقّ من الباطل، والمفضول من الفاضل، والحديث من القديم، والبدعة من السُّنَّة، والحُجَّة من الشُّبهة.
وظهر له أنَّ المصنفين في التَّفسير فِرَق على طُرق مختلفة، فرقة أهل البدع والأهواء، وفرقة أحسنت التأليف إلاَّ أنَّها خلطت أباطيل المبتدعين بأقوال السلف من الصالحين، وفرقة أقتصر أصحابها على الرواية والنقل دون الدّراية والنقد، وفرقة حذفت الإسناد الذي هو الركن والعماد، وفرقة جرّدت التَّفسير من الأحكام، وبيان الحلال والحرام.
وبعد، فإنَّ الذي يُفهم من كلام المؤلّف أنَّه ملتزم مذهب السلف في التَّفسير بالمأثور. هذا ويوجد التفسير المذكور بمكتبة الأزهر، مخطوطاً غير كامل.
[٤] البغويّ:
هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء (١)، والبغويّ الفقيه الشافعيّ، المحدّث المفسِّر، الملقب بـ "محي السُّنَّة" و"ركن الدِّين"، المتوفى سنة ٥١٦هـ.
وتفسيره هذا متوسط، سمَّاه (معالم التّنزيل) نقل فيه عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وكان البغويّ سالكاً سبيل السلف. صنَّف في تفسير كلام الله، وأوضح المشكلات في قول النبي - ﷺ -، وروى الحديث واعتنى بدراسته، وصنَّف كتباً كثيرة، فمن تصانيفه: "شرح السُّنَّة في الحديث"، و"المصابيح في الحديث"، و"الجمع بين الصحيحين"، و"التهذيب في الفقه"، وقد بورك له في تصانيفه، ورُزِق فيها القبول، لحسن نيته (٢).
(٢) انظر: طبقات المفسرين للسيوطيّ، ١/١٣، والطبقات الكبرى لابن السبكي، ١/٢١٤.