وعليه؛ فإنَّ ما وقع مبيّناً في كتاب الله أو سُنَّة رسوله - ﷺ - قيل عنه "تفسير"، وما استنبطه العلماء عن طريق الاجتهاد قيل عنه "تأويل"، ومن هنا جاء قولهم: "التَّفسير ما تعلّق بالرّواية، والتَّأويل ما تعلّق بالدّراية.
التَّفسير في عهد النَّبي - ﷺ - وأصحابه:
معلوم أنَّ الله سبحانه وتعالى قد تكفّل بحفظ القرآن وبيانه، قال تعالى
[القيامة: ١٧-١٩].
فقد كان - ﷺ - يفهم القرآن جملة وتفصيلاً، وكان عليه أنْ يبيّنه لأصحابه، قال تعالى [النحل: ٤٤].
وكان الصحابة رضي الله عنهم يفهمون القرآن؛ لأنَّه نزل بلغتهم، وكانوا يتفاوتون في هذا الفهم، فقد يغيب على واحد منهم ما لا يغيب عن الآخر.
أخرج أبو عبيد عن طريق مجاهد وابن عباس قال: "كنت لا أدري ما
، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، يقول: أنا ابتدأتها.
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يعتمدون في تفسير القرآن على أمور ثلاثة:
أولاً: القرآن، فإنَّ ما جاء من القرآن مجملاً في موضع جاء مبيّناً في موضع آخر، فقد تأتي الآية مطلقة أو عامة ثم ينزل ما يقيّدها أو يخصصها، وهذا الذي يُسمَّى "تفسير القرآن بالقرآن"، فقوله تعالى [المائدة: ١]، فسّرتها آية
[المائدة: ٣]، وقوله تعالى [الأنعام: ١٠٣]، فسّرتها آية [القيامة: ٢٣].
ثانياً: كان الصحابة يرجعون إلى النبي - ﷺ - فيما أشكل عليهم، كقوله تعالى [الأنعام: ٨٢]، قالوا: يا رسول الله وأيُّنا لا يظلم نفسه، قال: (إنَّه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا قول العبد الصالح: [لقمان: ١٣]، إنَّما هو الشرك) (١).