القول الثاني : عدم التقدير، وأن القضاء لازم مع وجود السفر صام أو أفطر، وهذا قول داود الظاهري (١)، وابن حزم (٢)، وحكي عن بعض السلف (٣)، استدلالاً بظاهر الآية، ولقوله - ﷺ - :" ليس من البر الصوم في السفر " (٤)، وغيره من الأدلة التي فيها النهي عن الصوم في السفر، لكن هذا القول مهجور كما أشار ابن عبدالبر إلى هذا بقوله :( هجره الفقهاء كلهم، والسنة ترده ) (٥).
وقال الجصاص :( واتفقت الصحابة ومن بعدهم من التابعين وفقهاء الأمصار على جواز صوم المسافر، غير شيء يروى عن أبي هريرة أنه قال : من صام في السفر فعليه القضاء، وتابعه عليه شواذ من الناس لا يعدون خلافاً ) (٦).

(١) النكت والعيون ١/ ٢٣٨. وهو داود بن علي بن خلف الظاهري أبو سليمان، أحد المجتهدين، تنسب إليه الطائفة الظاهرية، سميت لأخذها بظاهر الكتاب والسنة، وإعراضها عن التأويل والرأي، مات سنة ٢٧٠هـ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء ٩/ ٢٠، لسان الميزان ٢/ ٤٩٠.
(٢) المحلى ٦/ ١٧٦، وهو أبو محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم المحدث الفقيه الأصولي، له كتاب : المحلى شرح المجلى، مات سنة ٤٥٦هـ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٨٤، شذرات الذهب ٣/ ٢٩٩.
(٣) منهم عمر وابن عمر وأبو هريرة والزهري والنخعي وغيرهم، ينظر : فتح الباري ٤/ ٢٢٩.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الصوم باب قول النبي - ﷺ - لمن ظلل عليه واشتد الحر ( ١٩٤٦)، ومسلم في كتاب الصيام باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان (١١١٥) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(٥) التمهيد ٢٢/ ٤٩.
(٦) أحكام القرآن ١/ ٢٥٩.


الصفحة التالية
Icon