القول الرابع : أن الأماني : التقدير، يقال : منى لك الماني أي قدر لك المقدر، قاله ابن فارس (١)، والجوهري (٢)، والراغب الأصفهاني (٣).
وعند التأمل في هذه المعاني لا نجد بينها تعارضاً ؛ بل الكلمة تحتملها جميعاً.
قال ابن فارس :( الميم والنون والحرف المعتل أصل واحد صحيح، يدل على تقدير شيء ونفاذ القضاء به ) (٤)، فالتلاوة تقدير ووضع كل آية موضعها (٥)، وكذلك هي تقدير لا يتبعه عمل وفهم للمتلو، وكذلك الكذب تقدير ما لا حقيقة له، والتمني كالمقدمة له، كما قال الراغب :( ولما كان الكذب تصور ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ صار التمني كالمبدء للكذب فصح أن يعبر عن الكذب بالتمني، وعلى ذلك ما روي عن عثمان - رضي الله عنه - :

ما تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت ) (٦)، ولذا فسرها جمع من أهل العلم بأكثر من معنى بلا ترجيح (٧).
(١) معجم مقاييس اللغة ٥/ ٢٧٦.
(٢) الصحاح ٥/ ١٩٨٣، هو أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، له : تاج اللغة وصحاح العربية المسمى بالصحاح، مات سنة ٣٩٨هـ، له ترجمة في : لسان الميزان ١/ ٥١٨، شذرات الذهب ٣/ ١٤٣.
(٣) معجم مفردات القرآن ص ٥٣٠، وهو أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب الأصفهاني، مات سنة ٥٠٣هـ، ينظر : سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٢٠، طبقات الداوودي ٢/ ٣٢٩ باسم المفضل والصواب أنه الحسين.
(٤) معجم مقاييس اللغة ٥/ ٢٧٦.
(٥) معجم مقاييس اللغة ٥/ ٢٧٧ بتصرف يسير.
(٦) معجم مفردات القرآن ص ٥٣٠، وقول عثمان - رضي الله عنه - أخرجه الطبراني في الكبير ١/ ٤١ (١٢٤).
(٧) ينظر : غريب القرآن وتفسيره لابن اليزيدي ص ٢٦، أحكام القرآن للقرطبي ٢/ ٦-٧، بدائع التفسير لابن القيم ١/ ٣٢٠.


الصفحة التالية
Icon