وأكثر اختيارات العلماء، ومنهم : الإمام الفراء، إنما هو في الحرف إذا اجتمع فيه ثلاثة أركان : ـ
١ـ قوة وجهه في العربية.
٢ـ موافقته للمصحف.
٣ـ اجتماع العامة عليه.
" والعامة عندهم ما اتفق عليه أهل المدينة، وأهل الكوفة، فذلك عندهم حجة قوية، يوجب الاختيار، وربما جعلوا العامة ما اجتمع عليه أهل الحرمين، وربما جعلوا الاختيار على ما اتفق عليه نافع وعاصم " (١).
ومن منهجه في الاختيار ما يلي :
١- استعمل الفراء طائفة من التراكيب التي تدل على اختياره أو ترجيحه لقراءة على أخرى ؛ منها مثلا :"إنه لأحب الوجهين إلي" و "الرفع أحب إلي من الجزم" و "الرفع أجود" و "والوجه الأول أحسن" و "لست أشتهي ذلك" و "لست أشتهيه". ومثل هذه الأحكام نجدها مبثوثة في كتابه "معاني القرآن" (٢).
٢ـ يهتم ويشير إلى اختيارات من سبقه من القراء، ومن الأمثلة :.
(أ)- قوله :﴿ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾ (٣) قال :"حدثني أبو بكر بن عياش عن عاصم : أنه ترك (يصدون) من قراءة أبي عبدالرحمن، وقرأ (يصِدون)، قال الفراء : وقال أبو بكر : حدثني عاصم عن أبي رزين عن أبي يحيى : أن ابن عباس قرأ ﴿يَصِدون﴾ أي : يضجون يعِجون " (٤).
(ب)- ﴿ هَذَا للهِ بِزَعْمِهِم ﴾ (٥) قال :" زُعمِهم، وزِعمِهِم، ثلاث لغات، ولم يقرأ بكسر الزاي أحد نعلمه، والعرب قد تجعل الحرف في مثل هذا، فيقولون : الفَتْك، والفِتك، والوُدّ، والوِدّ، في أشباه لها، وأجود ما اختارته القراء الذين يؤثر عنهم القراءة " (٦).

(١) غاية النهاية (١ / ١٤٢).
(٢) معاني القرآن (١/٢٧٦) (٢/٢٣٣، ٣٦٤، ٣٨٣) (٣/١٤، ١٨٤، ٢٥٦، ٢٠٢ ) وسترد هذه الألفاظ وغيرها في الأمثلة التالية.
(٣) سورة الزخرف : آية رقم ٥٧.
(٤) معاني القرآن (٣ / ٣٦ـ٣٧ )
(٥) سورة الأنعام : أية رقم ١٣٦.
(٦) معاني القرآن، ( ج١ / ٣٥٦ ).


الصفحة التالية
Icon