المعنى مما هو مذكور في الكتب العربية وأصل الحرف معناه الطرف وإنما سمي حرفاً لأن حرف التهجي طرف الأصوات وبعض منها وحرف المعنى طرف أي جانب مقابل لمعنى الاسم والفعل حيث يقعان عمدة في الكلام وهو لا يقع إلا فضلاً في المرام ومادة الصوت وحده هواء يتموج بتصادم جسمين ومن ثمة عم به ولم يخص بالإنسان بخلاف الحرف فإنه يختص بالإنسان وضعاً والحركة عرض تحله على خلاف في ذلك يطول بحثه ولا طائل تحته ثم الأصول في الحروف العربية تسعة وعشرين حرفاً باتفاق البصريين إلا البرد فإنه جعل الألف والهمزة واحداً محتجاً بأن كل حرف يوجد مسماه في أول اسمه والألف أوله همزة وأجيب بلزوم أن الهمزة تكون هاء لأنها أول اسمها والتحقيق في الفرق بينهما أن الألف لا تكون إلا ساكنة ولا يتصور أن يوجد لها اسم يكون مسماه ساكناً والهمزة إنما تكون متحركة أو مجزومة فكان حقها أن يقال لها أمزة لكنها أبدل منها هاء ولذا قيل دليل تعددهما إبدال أحدهما من الآخر كما حقق في الآل والأهل وأراق وهراق والشيء لا يبدل من نفسه والحاصل أن الألف على نوعين لينة وغيرها فهو أعم لغة واعتباراً وإن كان مغايراً للهمزة اصطلاحاً وأن مخرج الهمزة محقق ومخرج الألف مقدر هذا وقال سيبويه وتبعه الأكثر على ما نقله الجعبري أن مخارج الحروف ستة عشر فجعل الألف من مخرج الهمزة كما اختاره الشاطي والواو والياء الساكنين أعم من مخرج المتحركين وقال الفراء وأتباعه أربعة عشر فجعل مخرج النون واللام والراء واحداً والجمهور على أن لكل واحد مخرجاً كما سيأتي تحقيقه وقال الخليل وهو شيخ سيبويه وأتباعه من المحققين وهو الذي عليه الجمهور إنها سبعة عشر كما أشار إليه المصنف بقوله ( على الذي يختاره من اختبر ) أي بناء على قول من اختار ذلك باختياره الأقوال وتمييزه بين الأحوال واختيار المضارع لحكاية الحال الماضية وأغرب شارح حيث قال أي على القول الذي يختاره منا من بين الأقوال من سبق اختباره