المدية هذا وقال الناظم في النشر والصواب اختصاص هذه الثلاثة بالجوف دون الهمزة لأنهن أصوات لا يعتمدن على مكان حتى يتصلن بخلاف الهمزة ثم أعلم أنه قدم حروف المد على سائر الحروف لعموم مخرج المدية وكونها بالنسبة إلى مخارج البقية بمنزلة الكل في جنب الجزء فيستدعي التقديم من هذه الحيثية وإن كان المناسب تأخيرها عنها باعتبار أن حيزها وما حيزه مقدر فهو حقيق بأن يؤخر عما حيزه محقق ثم أعلم أن كل مقدار يكون منتصباً وله نهايتان أي طرفان وغايتان أيتهما فرضت أوله وله كان مقابلة آخره ولما كان وضع الإنسان على الانتصاب مخالفاً لباقي الحيوان لزم منه أن يكون رأسه أوله ورجلاه آخره فإذا كان ذلك كان أول المخارج الشفتين وأولهما مما يلي البشرة وثانيها اللسان وأوله مما يلي الأسنان وآخره مما يلي الحلق وثالثها الحلق وأوله مما يلي اللسان وآخره مما يلي الصدر ولو كان وضع الإنسان على التنكيس لانعكس ولما كان مادة الصوت الهواء الخارج من داخل الإنسان كان أوله آخر الحلق وآخره أول الشفتين فرتب الناظم رحمه الله الحروف باعتبار الصوت وفاقاً للجمهور حيث قال فألف الجوف ورتب تسمية المخارج باعتبار وضعها الأصلي حيث جعل الأقصى وهو الأبعد مما يلي الصدر والأدنى وهو الأقرب لمقابلة فقال ( ثم لأقصى الحلق همز هاء ) أي لأبعده من الفم حرفان وهي همز وهاء وحذف العاطف رعاية للوزن ومنهم من ضم الألف إليهما وجعلها بعدهما كالشاطي ونسب هذا القول إلى سيبويه ونقل عنه أيضاً تقدم الألف على الهاء كما يفهم من كلام الجار بردى وقيل الهمزة والهاء في مرتبة واحدة وقيل الهمزة أولى ( ثم لوسطه فعين حاء ) وحقه أن يقال عين فحاء وغير للضرورة ووسط الشيء محركة ما بين طرفيه كأوسطه فإذا سكنت كان ظرفاً أو هماً فيما هو مصمت كالحقة فإذا كانت أجزاؤه متباينة فبالإسكان فقط أو كل موضع صلح فيه بين فهو بالتسكين وإلا فهو بالتحريك كذا في القاموس فقول شارح سين وسطه


الصفحة التالية
Icon