والتلاوة حق تلاوته ونقل الزيلعي من الأئمة الحنفية أنه لا يحل التطريب فيه ولا الاستماع إليه لأن فيها تشبهاً بفعل الفسقة في حال فسقهم وهو التغني ولا يعكر عليه قوله ﷺ " ليس هنا من لم يتغن بالقرآن " لأن المراد بالتغني به الاستغناء على ما اختاره سفيان بن عيينة ونقله عنه شارح المصابيح أو المراد به تحسين الصوت وتزيينه على وفق التجويد وتبيينه لقوله ﷺ " زينوا القرآن بأصواتكم " ومن القراءة المنهية ما أحدثه الجماعة الأزهرية حيث يجتمعوني فيقرءون بصوت واحد ويقطعون القرآن فيأتي بعضهم ببعض الكلمة والآخر ببعضها ويحذفون حرفاً ويزيدون آخر ويحركون الساكن ويسكنون المتحرك وأمثالها ويمدون تارة ويقصرون أخرى في غير محالها مراعاة للأصوات خاصة دون أحوالها مع أن الغرض الأهم من القراءة إنما هو تصحيح مبانيها لظهور ومعانيها بما فيها كما قال الله تعالى " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب " نعم إذا اجتلبت المباني على أسماع السامع والتالي في أعلى معارضها وأجلى جهات النطق بها كان تلتقى القلوب وإقبال النفوس عليها زائداً في الحلاوة على ما لم يبلغ منها فحينئذ ينتج اكتساب أوامره واجتناب زواجره والرغبة في وعده والرهبة من وعيده وتلك فائدة جسيمة وعائدة عظيمة وهذا معنى قوله ﷺ " زينوا القرآن بأصواتكم " أي أظهروا زينتها بحسن أصواتكم وهذا لا ينافي ما ورد من قوله ﷺ " زينوا أصواتكم بالقرآن " وبما تحرر وتقرر من البيان تبين حكمة شرع الإنصات لقراءة القرآن وجوباً في الصلاة وندباً في غيرها وحسن أدب الأئمة في السكوت على التمام من الكلام لما في ذلك من سرعة وصول @ المعاني إلى الإفهام هذا ويؤيد الأخير ما رواه الترمذي وصححه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله ﷺ " من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة