" بِسم الله ": جَار ومجرور، وَالْبَاء مُتَعَلق بمضمر، فَنَقُول: هَذَا الْمُضمر يحْتَمل أَن يكون اسْما، وَأَن يكون فعلا، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ؛ فَيجوز أَن يكون مُتَقَدما ومتأخرا، فَهَذِهِ أَقسَام أَرْبَعَة.
أما إِذا كَانَ مُتَقَدما، وَكَانَ فعلا؛ فكقولك: أبدأ بِبسْم الله.
وَإِن كَانَ مُتَقَدما، وَكَانَ اسْما؛ فكقولك: ابتدائي بِبسْم الله.
وَإِن كَانَ مُتَأَخِّرًا، وَكَانَ فعلا؛ فكقولك: بِسم الله أبدأ.
وَإِن كَانَ مُتَأَخِّرًا، وَكَانَ اسْما؛ فكقولك: بِسم الله ابتدائي.
وَأيهمَا أولى التَّقْدِيم أم التَّأْخِير؟
قَالَ ابْن الْخَطِيب: كِلَاهُمَا ورد فِي الْقُرْآن الْكَرِيم، أما التَّقْدِيم، فكقوله ﴿بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا﴾ [هود: ٤١] وَأما التَّأْخِير؛ فكقوله تَعَالَى: ﴿اقْرَأ باسم رَبك﴾ [العلق: ١] وَأَقُول: التَّقْدِيم أولى؛ لِأَنَّهُ - تَعَالَى - قديم وَاجِب الْوُجُود لذاته، فَيكون وجوده سَابِقًا على وجود غَيره، لِأَن السَّبق بِالذَّاتِ يسْتَحق السَّبق فِي الذّكر؛ قَالَ تبَارك وَتَعَالَى: ﴿هُوَ الأول وَالْآخر﴾ [الْحَدِيد: ٣] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لله الْأَمر من قبل وَمن بعد﴾ [الرّوم: ٤]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين﴾ [الْفَاتِحَة: ٥].
قَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى - إِضْمَار الْفِعْل أولى من إِضْمَار الِاسْم؛ لِأَن نسق تِلَاوَة الْقُرْآن يدل على أَن الْمُضمر هُوَ الْفِعْل، وَهُوَ الْأَمر، لِأَنَّهُ - تبَارك وَتَعَالَى - قَالَ: ﴿إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين﴾، فَكَذَا قَوْله تَعَالَى ﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾ التَّقْدِير: قُولُوا: بِسم الله.


الصفحة التالية
Icon