(٣٢ - كحلفة من أبي ريَاح يسْمعهَا لاهه الْكِبَار)
فجَاء بِهِ على الأَصْل قبل التَّعْرِيف، نقل ذَلِك أَبُو زيد الْبَلْخِي - رَحمَه الله تَعَالَى -.
وَمن غَرِيب مَا نقل فِيهِ - أَيْضا - أَن الأَصْل فِيهِ " الْهَاء " الَّتِي هِيَ كِنَايَة عَن الْغَائِب، قَالُوا: وَذَلِكَ أَنهم أثبتوه مَوْجُودا فِي نظر عُقُولهمْ؛ فأشاروا إِلَيْهِ بالضمير، ثمَّ زيدت فِيهِ لَام الْملك، إِذْ قد علمُوا أَنه خَالق الْأَشْيَاء ومالكها، فَصَارَ اللَّفْظ " لَهُ "، ثمَّ زيد فِيهِ الْألف وَاللَّام؛ تَعْظِيمًا وتفخيما، وَهَذَا لَا يشبه كَلَام أهل اللُّغَة، وَلَا النَّحْوِيين، وَإِنَّمَا يشبه كَلَام بعض المتصوفة.
وَمن غَرِيب مَا نقل فِيهِ - أَيْضا - أَنه صفة، وَلَيْسَ باسم، واعتل [هَذَا الذَّاهِب إِلَى] ذَلِك؛ أَن الِاسْم يعرّف الْمُسَمّى، وَالله - تَعَالَى - لَا يدْرك حسا وَلَا بديهة، فَلَا يعرفهُ اسْمه، وَإِنَّمَا تعرفه صِفَاته؛ وَلِأَن الْعلم قَائِم مقَام الْإِشَارَة، وَذَلِكَ مُمْتَنع فِي حق الله تَعَالَى.
وَقد رد الزَّمَخْشَرِيّ هَذَا القَوْل بِمَا مَعْنَاهُ: أَنَّك تصفه، وَلَا تصف بِهِ فَتَقول: إِلَه عَظِيم وَاحِد كَمَا تَقول: شَيْء عَظِيم، وَرجل كريم، وَلَا تَقول: شَيْء إِلَه، كَمَا لَا تَقول: شَيْء رجل، وَلَو كَانَ صفة لوقع صفة لغيره لَا مَوْصُوفا.
وَأَيْضًا: فَإِن صِفَاته الْحسنى، لَا بُد لَهَا من مَوْصُوف بهَا تجْرِي عَلَيْهِ، فَلَو جعلناها كلهَا صِفَات بقيت غير جَارِيَة على اسْم مَوْصُوف بهَا، وَلَيْسَ فِيمَا عدا الْجَلالَة خلاف فِي كَونه صفة فَتعين أَن تكون الْجَلالَة اسْما لَا صفة، وَالْقَوْل فِي هَذَا الِاسْم الْكَرِيم يحْتَمل الإطالة، وَهَذَا الْقدر كَاف.

فصل فِي اخْتِصَاص لفظ الْجَلالَة بِهِ سُبْحَانَهُ


قَالَ ابْن الْخَطِيب - رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ -: أطبق جَمِيع الْخلق على أَن قَوْلنَا:


الصفحة التالية
Icon