الْعلمَاء - رَحِمهم الله تَعَالَى - وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن: ﴿الْحَمد لله رب الْعَالمين﴾ [الْفَاتِحَة: ٢]، وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشرّف وكرّم وبجّل ومجّد وعظّم وفخّم أسر إِلَى خَدِيجَة - رَضِي الله عَنْهَا - فَقَالَ: " لقد خشيت أَن يكون خالطني شَيْء " فَقَالَت: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: إِنَّنِي إِذا خلوت سَمِعت النداء ﴿اقْرَأ﴾ [العلق: ١]، ثمَّ ذهب إِلَى ورقة بن نَوْفَل، وَسَأَلَهُ عَن تِلْكَ الْوَاقِعَة، فَقَالَ لَهُ ورقة: إِذا أَتَاك النداء، فَاثْبتْ لَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيل - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - فَقَالَ لَهُ: قل: ﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين﴾ [الْفَاتِحَة: ١ - ٢].
وبإسناده عَن أبي صَالح، عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشرّف وكرّم وبجّل ومجّد وعظّم وفخّم ب " مَكَّة " فَقَالَ: " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم "، فَقَالَت قُرَيْش: رضّ الله فَاك.
القَوْل الثَّانِي: أَنَّهَا نزلت ب " الْمَدِينَة "، روى الثَّعْلَبِيّ بِإِسْنَادِهِ، عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: " فَاتِحَة الْكتاب أنزلت بِالْمَدِينَةِ ".
قَالَ الْحُسَيْن بن الْفضل: لكل عَالم هفوة، وَهَذِه هفوة مُجَاهِد؛ لِأَن الْعلمَاء - رَحِمهم الله تَعَالَى - على خِلَافه.
وَيدل عَلَيْهِ وُجُوه:
الأول: أَن سُورَة الْحجر مَكِّيَّة بالِاتِّفَاقِ، وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم﴾ [الْحجر: ٨٧]، وَهِي فَاتِحَة الْكتاب، وَهَذَا يدل على أَنه - تَعَالَى - آتَاهُ هَذِه السُّورَة فِيمَا تقدم.


الصفحة التالية
Icon