قولُه تعالى: ﴿الحمد للَّهِ﴾.
الحمدُ: الثناءُ على الجَمِيل سواءٌ كانت نِعمةً مُبْتدأة إلّى أَحَدٍ أَمْ لاَ.
يُقال: حَمَدْتُ الرجلَ على ما أَنْعَمَ به، وحمدتُه على شَجَاعته، ويكون باللسانِ وَحْدَهُ، دون عمل الجَوَارح، إذ لا يُقالُ: حمدت زيداً أيْ: عملت له بيدي عملاً حسناً، بخلاف الشكر؛ فإنه لا يكونُ إلاّ على نعمةٍ مُبْتَدأةٍ إلى الغير.
يُقال: شَكَرْتُه على ما أعطاني، ولا يُقالُ: شكرتُه على شَجَاعَتِه، ويكون بالقلبِ، واللِّسانِ، والجَوَارح؛ قال الله تعالى: ﴿اعملوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً﴾ [سبأ: ١٣] وقال الشاعرُ: [الطويل].
٣٧ - أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلاثَةً | يَدِي وَلِسانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَبَّبَا |
وقيل: الحمدُ هو الشكر؛ بدليلِ قولِهم: «الحمدُ لِلَّهِ شُكراً».
وقيل: بينهما عُمومٌ وخصوص مُطْلق.
والحمدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ.
وقيلَ: الحمدُ: الثناءُ عليه تعالى [بأوصافِه، والشكرُ: الثناءُ عليهِ بِأَفْعاله] فالحامدُ قِسْمَانِ: شاكِرٌ ومُثْنٍ بالصفاتِ الجَمِيلة.
وقيل: الحمدُ مَقْلُوبٌ من المَدْحِ، وليس بِسَدِيدٍ - وإِن كان منقولاً عن ثَعْلَب؛ لأنَّ المقلوبَ اقلُّ استِعمالاً من المقلوب منه، وهذان مُسْتَوِيانِ في الاستعمالِ، فليس ادعاءُ قلبِ أَحَدِهَما مِنَ الآخر أَوْلَى من العَكْسِ، فكانا مادّتين مُسْتَقِلَّتَيِن.