الم» جملة إن قيل: إنها خبر مبتدأ مضمر، و «ذلك الكتاب» جملة، و «لا ريب» جملة، و «فيه هدى» جملة، وإنما ترك العاطف لشدّة الوصل؛ لأن كلّ جملة متعلّقة بما قبلها آخذة بعنقها تعلقاً لا يجوز معه الفصل بالعطف.
قال الزمخشري: «وقد أصيب بترتيبها مفصل البلاغة حيث جيء بها مُتَنَاسقة هكذا من غير حرف نسق. [وذلك لمجيئها مُتَتَابعة بعضها بعنق] بعض، والثانية متحدة بالأولى، وهلم جَرَّاً إلى الثالثة والرابعة.
بيانه: أنه نبّه أولاً على أنه الكلام المتحدي به، ثم أشير إليه بأنه الكتاب المَنْعُوت بنهاية الكَمَال، فكان تقريراً لجهة التحدي. ثم نفى عنه أن يتشبث به طرف من الريب، فكان شهادة بكماله.
ثم أخبر عنه بأنه»
هدى للمتقين «، فقرر بذلك كونه يقيناً، لا يحوم الشّك حوله، ثم لم تَخْلُ كل واحدة من هذه الأربع بعد أن رتبت هذه الترتيب الأنيق [من] نُكْتَةٍ ذات جَزَالة: ففي الأولى الحذف، والرمز إلى الغرض بألطف وجه.
وفي الثانية ما في التعريف من الفَخَامة.
وفي الثانية ما في تقديم الريب على الظَّرف.
وفي الثالثة ما في تقديم «الريب»
على الظرف.
وفي الرابعة الحذف، ووضع المصدر الذي هو «هدى» موضع الوصف الذي هو «هاد» وإيراده منكراً.
«المتقين» جمع «مُتَّقٍ»، وأصله: مُتَّقِيينَ بياءينِ، الأولى: لام الكلمة، والثانية علامة الجمع، فاستثقلت الكسرة على لام الكلمة، وهي الياء الأولى فحذفت، فالتقى ساكنان، فَحذف إحداهما وهي الأولى.
و «متقٍ» من اتقى يتّقي وهو مُفْتَعِل الوِقَايَةِ، إلا أنه يطرد في الواو والياءلا إذا كانتا فاءين، ووقعت بعدهما «تاء» الافتعال أن يبدلا «تاء» نحو: «اتَّعَدض» من الوَعْدِ، و «اتَّسَرَ» من اليُسْرِ. وَفِعْلُ ذلك بالهمزة شاذ، قالوا: «اتَّزَرَ» و «اتَّكَلَ» من الإِزَارِ، والأَكْلِ.
ول «افتعل» اثنا عشر معنى:
الاتِّخَاذ نحو: «اتقى».
والتسبب نحو: «اعمل».
وفعل الفاعل بنفسه نحو: «اضطرب».
والتخير نحو: «انتخب».


الصفحة التالية
Icon