أحدهما: اختلفوا في حقيقة هذه المعرفة، فمنهم من فَسَّرها بالاعتقاد الجازم - سواء كان اعتقاداً تقليدياً، أو كان علماً صادراً عن الدليل - وهم الأكثرون الذين يحكمون بأن المقلّد مسلم.
ومنهم من فسرها بالعلم الصادر من الاستدلال.
وثانيهما: اختلفوا في أن العلم المعتبر في تحقيق الإيمان عِلْمٌ بماذا؟ قال بعض المتكلّمين: هو العلم بالله، وبصفاته على سبيل الكمال والتمام، ثم إنه لما كثر اختلاف الخلق في صفات الله تعالى لا جرم أقدم كلّ طائفة على تكفير من عداها من الطوائف.
وقال أهل الإنصاف: المعتبر هو العلم بكل ما علم بالضرورة كونه من دين محمد عليه الصَّلاة والسلام، فعلى هذا القول العلم بكونه تعالى عالماً بالعلم، أو عالماً بذاته، وبكونه مرئياً أو غير مرئي، لا يكون داخلاً في مسمى الإيمان.
القول الثاني: أن الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان معاً، وهو قول بشر بن غياث المَرِيسِي، وأبي الحسن الأشعري، والمراد من التصديق بالقلب الكَلاَم القائم بالنفس.
الفرقة الثالثة الذين قالوا: الإيمان عبارة عن عمل القلب فقط، وهؤلاء اختلفوا على قولين:
أحدهما: أن الإيمان معرفة الله بالقَلْبِ، حتى إن من عرف الله بقلبه، ثم جحد بلسانه ومات قبل أن يُقرَّ بِهِ فهو مؤمن كامل الإيمان، وهو قول جهم بن صَفْوَان.


الصفحة التالية
Icon