وقال الآخر: [الطويل]

١٣٣ - وَنَحْنُ قَتَلْنَا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ فَمَا شَرِبُوا بَعْدَاً عَلَى لذَّةٍ خَمْراً
ومن البناء قوله تعالى: ﴿لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ﴾ [الروم: ٤] وزعم بعضهم أن «قبل» في الأصل وصف نَابَ عن موصوفه لزوماً.
فإذا قلت: «قمت قبل زيد» فالتقدير: قمت [زماناً قبل زمان قيام زيد، فحذف هذا كله، وناب عنه قبل زيد]، وفيه نظر لا يخفى على متأمله.
واعلم أن حكم «فوق وتحت وعلى وأول» حكم «قبل وبعد» فيما تقدّم.
وقرىء: «بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ» مينياً للفاعل، وهو الله - تعالى - أو جبريل، وقرىء أيضاً: «بِمَا أُنْزِلّ لَيْكَ» بتشديد اللام، وتوجيهه أن يكون سكن آخر الفعل كما يكنه الأخر في قوله: [الرمل]
١٣٤ - إِنَّمَا شِعْرِيَ مِلْحٌ قدْ خُلِطَ بِجُلْجُلاَنِ بتسكين «خُلط» ثم حذف همزة «إليك»، فالتقى مِثْلاَن، فأدغم لامه.
و «بالأخرة» متعلّق ب «يوقنون»، و «يوقنون
»
خبر عن «هم»، وقدّم المجرور؛ للاهتمام به كما قدم المنفق في قوله: ﴿وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٣] لذلك، وهذه جملة اسمية عطفت على الجملة الفعلية قبلها فهي صلةٌ أيضاً، ولكنه جاء بالجملة هنا من مبتدأ وخبر لخلاف: «وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ» ؛ لأن وصفهم بالإيقان بالآخرة أوقع من وصفهم بالإنفاق من الرزق، فناسب التأكيد بمجيء الجملة الاسمية، أو لئلا يتكرّر اللفظ لو قيل: «ومما رزقناكم هم ينفقون».
والمراد من الآخرة: الدَّار الآخرة، وسميت الآخرة آخرة، لتأخرها وكونها بعد فناء الدنيا.


الصفحة التالية
Icon