مفعول أوّل، أو مفعول ثان، أو حالٌ مقدّمة، وأنَّ في «بعوضة» تسعة أوجه، والصوابُ من ذلك كُلُّه أن يكون «ضَرَبَ» متعدِّياً لواحدٍ بمعنى بَيَّنَ، و «مثلاً» مفعولٌ به، بدليل قوله: «ضُرِبَ مَثَلٌ»، و «ما» صفةٌ للنَّكِرة، و «بعوضةً» بدلٌ لا عطف بيان، لأن عطف البيان ممنوع عند جمهور البصريين في النكرات.
وقرأ إبراهيم بن أبي عَبْلَةَ والضَّحَّاكُ ورؤبة بن العجاج برفع «بعوضةٌ» واتفقوا على أنَّها خبرٌ لمبتدأ، ولكنهم اختلفوا في ذلك المبتدأ، فقيل: هو «ما» على أنَّها استفهاميةٌ أيك أيُّ شيء بعوضةٌ، وإليه ذهب الزمخشري ورَجَّحَهُ.
وقيل: المبتدأ مضمرٌ تقديرُه «: هو بعوضةٌ، وفي ذلك وجهان:
أحدهما: أن تُجْعَلَ هذه الجملة صلة ل» ما «لكونها بمعنى الذي، ولكنَّه حذف العائد، وإن لم تَطُل الصِّلةُ، وهذا لا يجوز عند البصريين إلاَّ في» أيّ «خاصّة لطولها بالإضافة، وأمَّا غيرُها فشاذٌّ، أو ضرورة كقراءة:
﴿تَمَاماً عَلَى الذي أَحْسَنَ﴾ [الأنعام: ١٥٤] وقوله: [البسيط]
٣٢٧ - مَنْ يُعَنْ يِالحَقِّ لاَ يَنْطِقْ بِمَا سَفَهٌ | وَلاَ يَحِدْ عَنْ سَبِيلِ الحَمْدِ وَالكَرَمِ |
قال النَّحَّاسُ: «والحذفُ في» ما «أقبحُ منه في» الذي «لأن» الذي «إنّما له وجه واحد، والاسم معه أطول».
والثاني: أن تُجْعَلَ «ما» زائدة، أو صفةً، وتكون «هو بعوضةٌ» جملة كالمفسِّرة لما انطوى عليه الكلامُ.