يقْرَأ الِاسْتِعَاذَة قبل الْقِرَاءَة؛ بِمُقْتَضى الْخَبَر، وَبعدهَا؛ بِمُقْتَضى الْقُرْآن؛ جمعا بَين الدَّلَائِل بِقدر الْإِمْكَان ".
قَالَ عَطاء - رَحمَه الله تَعَالَى -: الِاسْتِعَاذَة وَاجِبَة لكل قِرَاءَة، سَوَاء كَانَت فِي الصَّلَاة أَو غَيرهَا.
وَقَالَ ابْن سِيرِين - رَحمَه الله تَعَالَى -: إِذا تعوذ الرجل مرّة وَاحِدَة فِي عمره، فقد كفى فِي إِسْقَاط الْوُجُوب، وَقَالَ الْبَاقُونَ: إِنَّهَا غير وَاجِبَة.
حجَّة الْجُمْهُور: أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم وبجل وَعظم - لم يعلم الْأَعرَابِي الِاسْتِعَاذَة فِي جملَة أَعمال الصَّلَاة.
وَلقَائِل أَن يَقُول: إِن ذَلِك الْخَبَر غير مُشْتَمل على بَيَان جملَة وَاجِبَات الصَّلَاة، فَلم يلْزم من عدم الِاسْتِعَاذَة فِيهِ، عدم وُجُوبهَا.
وَاحْتج عَطاء على وجوب الِاسْتِعَاذَة بِوُجُوه:
الأول: أَنه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - واظب عَلَيْهِ؛ فَيكون وَاجِبا - لقَوْله تَعَالَى: ﴿واتبعوه﴾ [الْأَعْرَاف: ١٥٨].
الثَّانِي: أَن قَوْله تَعَالَى: ﴿فاستعذ﴾ أَمر؛ وَهُوَ للْوُجُوب، ثمَّ إِنَّه يجب القَوْل بِوُجُوبِهِ عِنْد كل [قِرَاءَة]، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ﴿فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم﴾ [النَّحْل: ٩٨] وَذكر الحكم عقيب الْوَصْف الْمُنَاسب يدل على التَّعْلِيل، وَالْحكم يتَكَرَّر بِتَكَرُّر الْعلَّة.
الثَّالِث: أَنه - تَعَالَى - أَمر بالاستعاذة؛ لدفع شَرّ الشَّيْطَان؛ وَهُوَ اجب، وَمَا لَا يتم الْوَاجِب إِلَّا بِهِ، فَهُوَ وَاجِب.


الصفحة التالية
Icon