يسمع كلام الله. والجوابُ أنه لا يجوزُ عند الجمهور، لأمر لفظي من جهة الصناعة لا معنوي، فإنَّا لو جعلناه من التَّنازع، وأعملنا الأوَّل مثلاً، لاحتاج الثَّاني إليه مضمراً على ما تقرَّر، وحينئذٍ يلزمُ أنَّ «حتَّى» تجرُّ المضمر، و «حتَّى» لا تجرُّهُ إلاَّ في ضرورة شعر كقوله: [الوافر]
٢٧٤٩ - فَلا واللهِ لا يَلْقَى أنَاسٌ | فتًى حتَّاكَ يا ابْنَ أبي يزيدِ |
فصل في المراد من الآية
معنى الآية: وإن استجاركَ أحدٌ من المشركينَ الذين أمرتكَ بقتالهم وقتلهم أي: استأمنك بعد انسلاخ الأشهر الحرم، ليسمع كلام الله «فأجرهُ»، وأمنه «حتَّى يسمع كلام الله» فيما له وعليه من الثواب والعقاب. «ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ» أي: إن لم يسلم أبلغه الموضع الذي يأمنُ فيه، وهو دار قومه، فإن قاتلك بعد ذلك، وقدرت عليه فاقتله.
«ذلك
بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ»، لا يعلمون دين الله وتوحيده، فهم محتاجون إلى سماع كلام الله.
قال الحسنُ «هذه الآية محكمة إلى يوم القيامة».
فصل
قالت المعتزلةُ: هذه الآية تدلُّ على أنَّ كلام اللهِ يسمعه الكافرُ، والمؤمنُ، والزنديقُ، والصديق والذي يسمعه جمهور الخلق؛ ليس إلاَّ هذه الحروف والأصوات، فدلَّ ذلك على أنَّ كلام اللهِ ليس إلاَّ هذه الحروف والأصوات، ثمَّ من المعلوم بالضرورة، أنَّ الحروف والأصوات لا تكون قديمة، لأنَّ تكلم الله بهذه الحروف، إمَّا أن يكون معاً، أو على الترتيب، فإن تكلَّم بها معاً لم يحصل منه هذا الكلام المنتظم؛ لأن الكلام لا يحصل مُنتظماً إلا عند دخول هذه الحروف في الوجودِ على التعاقب، فلو حصلت معاً، لما حصل الانتظام، فلم يحصل الكلام، وإن حصلت متعاقبةً؛ لزم أن ينقضي المتقدم، ويحدث المتأخر، وذلك يوجب الحدوث، فدلَّ هذا على أنَّ كلام الله مُحدثٌ - قالوا فإن قلتم: إنَّ كلام الله شيءٌ مغايرٌ لهذه الحروف والأصوات فهو باطلٌ؛