قال الواحدي: «الأصلُ ترك الإمالة في هذه الكلمات نحو» مَا «و» لا «؛ لأن ألفاتها ليست منقلبة عن الياء، وأمَّا من أمال فلأنَّ هذه الألفاظ أسماء للحروف المخصُوصة، فقصد بذكر الإمالة التَّنبيه على أنَّها أسماء لا حروف».
فصل
اتفقوا على أنَّ قوله «الر» وحده ليس آية، واتفقوا على أنَّ قوله «طه» وحده آية، والفرق أن قوله «الر» لا يشاكل مقاطع الآي التي بعده، بخلاف قوله «طه» فإنه يشاكل مقاطع الآي التي بعده.
قال ابن عبَّاس والضحاك: «الر» معناه: أنا الله أرى، وقيل: أنا الربُّ لا ربَّ غيري. وقال سعيد بن جبير: «الر» و «حم» و «ن» حروف اسم الرحمن مُفرقة، ورواه أيضاً يزيد عن عكرمة عن ابن عبَّاس. قال الرَّاوي: فحدَّثت به الأعمش فقال: «عندك أشباه هذا ولا تخبرني به».
قوله: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الكتاب﴾ «تلك» يحتمل أن تكون إشارة إلى آيات هذه السورة، وأن تكون إشارة إلى ما تقدَّم هذه السورة من آيات القرآن، لأن «تلك» إشارة إلى غائبٍ مؤنَّث، وقيل: «تلك» بمعنى «هذه» أي: هذه آياتٌ، ومنه قول الأعشى: [الخفيف]
٢٨٦٢ - تِلْكَ خَيْلِي منهُ وتِلْكَ رِكابِي | هُنَّ صُفْرٌ أولادُهَا كالزَّبيبِ |
«والكتاب» : يحتمل أن يكون المراد به القرآن، ويحتمل أن يراد به الكتاب المخزون المكنون عند الله تعالى الذي نسخ منه كل كتاب، لقوله: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ﴾
[الواقعة: ٧٧، ٧٨]، وقوله: ﴿وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا﴾ [الزخرف: ٤]، وقوله: ﴿وَعِندَهُ أُمُّ الكتاب﴾ [الرعد: ٣٩]. وقيل: المراد من «الكتابِ الحكيمِ» : التوراة والإنجيل، والتقدير: إنَّ الآيات المذكورة في هذه السُّورة هي الآيات المذكورة في التوراة والإنجيل، والمعنى: إنَّ القصص المذكُورة في هذه السُّورة موافقة للقصص