قوله تعالى: ﴿هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ﴾ الآية.
في «هُنالِكَ» وجهان:
أظهرهما: بقاؤه على أصله، من دلالته على ظرف المكان، أي: في ذلك الموقف الدَّحض، والمكان الدَّهش. وقيل: هو هنا ظرف زمان على سبيل الاستعارة، ومثله ﴿هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون﴾ [الأحزاب: ١١]، أي: في ذلك الوقت؛ وكقوله: [الكامل]
٢٨٩٩ - وإذَا الأمُورُ تَعاظَمَتْ وتَشاكَلَتْ | فهُناكَ يَعْترِفُون أيْنَ المفْزعُ |
وقرأ الأخوان «تَتْلُو» بتاءين منقوطتين من فوق، أي: تطلب وتتبع ما أسلفته من أعمالها، ومن هذا قوله: [الرجز]
٢٩٠٠ - إنَّ المُريبَ يتْبَعُ المُرِيبَا | كَمَا رَأيْتَ الذِّيبَ يتلُو الذِّيبَا |
وقرأ الباقون: «تَبْلُوا» من البلاء، وهو الاختبار، أي: يعرف عملها: أخيرٌ هو أم شر، وقرأ عاصم في رواية «نَبلو» بالنُّون والباء الموحَّدة، أي: نَخْتَبر نحنُ، و «كُلَّ» منصُوب على المفعول به، وقوله «مَا أسْلفَتْ» على هذا القراءة يحتمل أن يكون في محلِّ نصبٍ، على إسقاطِ الخافض، أي: بما أسْلفَتْ، فلمَّا سقط الخافض، انتصب مَجْرُوره؛ كقوله: [الوافر]
٢٩٠١ - تَمُرُّونَ الدِّيارَ فَلَمْ تَعُوجُوا | كلامُكُمُ عليَّ إذنْ حَرَامُ |