والثاني: أنَّها لامُ الصَّيرورةِ والعاقبة؛ كقوله: ﴿فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً﴾ [القصص: ٨]، وقوله: [الوافر]
٢٩٢٨ - لِدُوا للمَوْتِ وابنُوا لِلْخَرَابِ...........................
وقوله: [الطويل]
٢٩٢٩ - ولِلْمَوْتِ تَغْذُو الولِدَاتُ سِخالَهَا | كمَا لِخرابِ الدُّور تُبْنَى المسَاكِنُ |
٢٩٣٠ - ولِلْمنَايَا تُرَبِّي كُلُّ مرضِعَةٍ | ولِلْخَرابِ يُجِدُّ النَّاسُ عُمْرَانَا |
وقال الجبائي: إنَّ «لا» مقدرةٌ بين اللاَّم والفعل، تقديره: لئلاَّ يضلُّوا، ورأي البصريين في مثل هذا تقدير: «كرَاهَةَ»، أي: كراهة أن يضلُّوا.
فصل
احتج أهل السُّنَّة بهذه الآية على أنه - تعالى - يضلُّ الناس من وجهين:
أحدهما: أن اللام في «لِيضلُّوا» لام التَّعليل.
والثاني: قوله: ﴿واشدد على قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ﴾ فقال - تعالى -: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا﴾ قال القاضي: لا يجوز أن يكون المرادُ من الآية ما ذكرتُم لوجوه:
الأول: لأنَّه - تعالى - منزَّهٌ عن فعل القبائح، وإرادة الكفر قبيحة.
وثانيها: أنَّه - تعالى - لو أراد ذلك، لكان الكافرُ مطيعاً لله بكفره؛ لأنَّ الطاعة: هي الإتيان بمراد الأمر، ولو كان كذلك، لما استحقُّوا الدُّعاء عليهم.
وثالثها: لو جوَّزْنَا إرادة إضلال العباد، لجوَّزْنَا أن يبعث الأنبياء بالدُّعاء إلى الضَّلالِ، ولجاز أن يقوي الكذَّابين الضَّالين بإظهار المعجزات، وفيه هدم الدِّين.
ورابعها: أنَّه لا يجوز أن يقول لموسى وهارون: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ