لتعدَّت ب «إِلَى». و «النُّذُرُ» يجوزُ أن يكون جمع «نَذِير»، المرادُ به المصدر فيكون التقدير: وما تُغْنِي الآياتُ والإنذارات، وأن يكون جمع «نذير» مراداً به اسم الفاعل بمعنى منذر فيكون التقدير والمُنْذِرُونَ وهم الرُّسُلُ. وقرىء «وما يُغْنِي» بالياء.
قوله: ﴿فَهَلْ يَنتَظِرُونَ﴾ يعني: مشركي مكَّة إلاَّ مثلَ أيَّام الذين خلوا مضوا «من قَبلِهِمْ» من مُكَذِّبي الأمم. قال قتادةُ: «يعني وقائع الله في قوم نوح، وعاد، وثمود» والعربُ تُسمِّي العذاب والنِّعم أياماً، كقوله: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله﴾ [إبراهيم: ٥] وكُلُّ ما مضى عليك من خَيْرٍ وشرٍّ فهو أيَّام ثم إنَّه تعالى أمره بأن يقول لهم ﴿فانتظروا إِنَّي مَعَكُمْ مِّنَ المنتظرين﴾.
قوله: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا﴾ قال الزمخشريُّ: هو معطوفٌ على كلامٍ محذوف يدلُّ عليه قوله: ﴿إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [يونس: ١٠٢] كأنَّه قيل: نُهلكُ الأمم ثم نُنَجِّي رسلنا، معطوفٌ على حكايةِ الأحوالِ الماضية.
قرأ الكسائي في رواية «نصر» نُنْجِيط خفيفة، والباقون: مشددة، وهما لغتان، وكذلك في قوله «نُنْجِ المُؤمنينَ» والمعنى: ننجي رسلنا، والذين آمنوا معهم عند نزول العذابِ. معناه: نَجَّينَا، مستقبلٌ بمعنى الماضي، ونجَّيْنَا وأنْجَيْنَا بمعنى واحد «كذلِكَ» كما نَجَّيْناهم «حَقًّا» واجباً ﴿عَلَيْنَا نُنجِ المؤمنين﴾.
قوله: «حقّاً» فيه أوجهٌ:
أحدها: أن يكون منصوباً بفعل مُقَدَّر أي: حقَّ ذلك حقّاً.
والثاني: أن يكون بدلاً من المحذوف النَّائب عنه الكافُ تقديره: إنجاء مثل ذلك حقّاً.
والثالث: ان يكون «كذلك» و «حقًّا» منصوبين ب «نُنْجِ» الذي بعدهما.
والرابع: أن يكون «كَذلِكَ» منصوباً ب «نُنَجي» الاولى، وحقّاً ب «نُنْجِ» الثَّانية.
وقال الزمخشري: مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين منكم، ونهلك المشركين، وحقّاً علينا اعتراضٌ، يعني حقَّ ذلك علينا حقّاً.
وقرأ الكسائيُّ وحفصٌ «نُنْجي المؤمنين» مخففاً من أنجى يقال: أنْجَى ونجَّى.