قال الزجاجُ: الدَّابَّةُ: اسمٌ لكلِّ حيوان، مأخوذ من الدَّبيبِ، وبُنيتْ هذه اللفظة على هاء التأنيث، هذا موضوعها اللُّغوي، و «مِنْ» صلة، ﴿إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا﴾ هو المتكفِّلُ بذلك فضلاً، وهو إلى مشيئته إن شاء رزق وإن شاء لم يرزق. وقيل: «على» بمعنى «من» أي: من الله رزقها.
قال مجاهدٌ: ما جاءها من رزق فمن الله، ورُبَّما لم يرزقها حتَّى تمُوت جُوعاً. ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ قال ابنُ مقسم: ويروى عن ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - «مُسْتقرَّهَا» المكانُ الذي تأوي إليه، وتستقرُّ فيه ليلاً ونهاراً «ومُسْتوْدعهَا» الموضع الذي تُدْفَنُ فيه إذا ماتت. وقال عبد الله بن مسعودٍ: المستقرُّ: أرحامُ الأمَّهات، والمستودع: أصلابُ الآباء. ورواه سعيدُ بن جبيرٍ، وعليُّ بن أبي طلحة، وعكرمةُ عن ابن عبَّاس. وقيل: المستقر: الجنة أو النار، والمستودع: القبر، لقوله تعالى في صفة الجنة، والنار ﴿حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً﴾ [الفرقان: ٧٦] ﴿سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً﴾ [الفرقان: ٦٦].
﴿كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾. قال الزَّجَّاجُ: «معناه: كلُّ ذلك ثابتٌ في علم الله».
وقيل: كل ذلك مثبت في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقها.
قوله: ﴿مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ يجوزُ أن يكونا مصدرين، أي: استقرارها واستيداعها، ويجوزُ أن يكونا مكانين، أي: مكان استقرارها واستيداعها، ويجوز أن يكون «مُستوْدعهَا» اسم مفعول لتعدِّي فعله، ولا يجوز ذلك في «مُسْتَقَر» ؛ لأنَّ فعله لازمٌ، نظيره في المصدرية قول الشاعر: [الوافر]
٢٩٤٤ - ألَمْ تعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافِي...............................
أي: تَسْريحي.
و «كُلُّ» المضافُ إليه محذوفٌ تقديره: كُل دابةٍ ورزقها ومستقرُّها ومستودعُها في كتاب مبين.