اليوم إذا نزل بكُم العذابُ؛ فأمنتم في ذلك الوقت؛ لأنَّ الإيمان عند نُزُول العقابِ لا يقبلُ وإنَّما ينفعُكم نصحي إذا آمنتم قبل مُشاهدةِ العذابِ.
الثالث: قال الجُبائي: الغوايةُ هي الخيبة من الطَّلب بدليل قوله: ﴿فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً﴾ [مريم: ٥٩]، أي: خيبة من خير الآخرة؛ قال الشاعر: [الطويل]
٢٩٦٦ -....................................... ومَنْ يَغْوَ لا يَعْدَمْ عَلى الغَيِّي لائِمَا
الرابع: أنه إذا أصرَّ على الكُفْرِ، وتمادى فيه، منعه الله الألطاف، وفوَّضه إلى نفسه؛ فهذا شبيه بما إذا أراد إغواءهُ؛ فلهذا السَّبب حسن أن يقال: إنَّ الله أغواه، هذا جملة كلامِ المعتزلةِ في هذا البابِ، وتقدَّم الجوابُ عن أمثال هذه الكلمات، فلا فائدة في الإعادة، ثَم قال: ﴿هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فيجازيكم بأعمالكم، وهذا نهاية الوعيد والتهديد.
قوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افتراه﴾ اختلقه، وافتعله، يعني نوحاً - عليه الصلاة السلام - قاله ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -.
[وقال مقاتلٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: يعني محمَّداً صلوات الله البر الرحيم وسلامه عليه] والهاء ترجع إلى الوحي الذي بلغه إليهم.
﴿قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾ أي: إثْمِي ووبال جرمي، والإجرامُ: كسب الذَّنب، وهذا من باب حذف المضاف؛ لأنَّ المعنى: فعليَّ عقاب إجْرامي، وفي الآية محذوفٌ آخر، وهو أنَّ المعنى: إن كنتُ افتريتُه فعليَّ عقاب جرمي، وإن كنتُ صادقاً وكذَّبْتُمونِي فعليكم عقاب ذلك التكذيب، إلاَّ أنَّه حذف هذه البقية لدلالة الكلام عليه.
قوله: «فَعَلَيَّ إجْرَامِي» : مبتدأٌ وخبرٌ، أو فعلٌ وفاعلٌ.
والجمهورُ على كسر همزة «إجْرَامِي»، وهو مصدر أجْرَمَ، وأجْرمَ هو الفاشي، ويجوزُ «جَرَمَ» ثلاثياً وأنشدوا: [الوافر]



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
٢٩٦٧ - طَرِيدُ عَشيرةٍ ورَهِينُ ذَنْبٍ بِمَا جَرَمَتْ يَدِي وجَنَى لِسَانِي