المطلق في مثله، أو تجعل «إلى» بمعنى «مع» أي: مع قُوَّتكم، كقوله: ﴿إلى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢].
ثم قال: ﴿وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾ أي: ولا تدبروا مشركين مصرِّين على الكفر.
﴿قَالُواْ ياهود مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ﴾ ببرهانٍ وحُجَّةٍ واضحةٍ على ما تقول. والباء في «بيِّنَةٍ» يجوزُ أن تكون للتَّعدية؛ فتتعلَّق بالفعل قبلها أي ما أظهرت لنا بينةٌ قط.
والثاني: أن تتعلَّق بمحذوفٍ على أنها حالٌ؛ إذ التقديرُ: مُسْتقراً أو مُلتبساً ببيِّنةٍ.
قوله: ﴿وَمَا نَحْنُ بتاركي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ﴾ أي: وما نترك آلهتنا صادرين عن قولك، فيكون «عَنْ قَوْلِكَ» حالٌ من الضمير في «تَارِكي» ويجُوزُ أن تكون «عَنْ» للتَّعْليل كهي في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ﴾ [التوبة: ١١٤]، أي: إلاَّ لأجل موعدةٍ. والمعنى هنا: بتاركي آلهتنا لقولك، فيتعلَّق بنفس «تاركي».
وقد أشَارَ إلى التعليل ابنُ عطية، ولكنَّ المختار الأول، ولم يذكُر الزمخشريُّ غيره.
قوله: ﴿وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ بمصدِّقين.
﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بسواء﴾ الظَّاهر أن ما بعد «إلاَّ» مفعولٌ بالقول قبله، إذ المرادُ: إن نقُولُ إلاَّ هذا اللفظ فالجملةُ محكيةٌ نحو قولك «ما قُلْتُ إلاَّ زيدٌ قائمٌ». قوال أبُو البقاءِ: «الجملةُ مفسرةٌ لمصدرٍ محذوفٍ، التقدير: إن نقول إلاَّ قولاً هو اعتراكَ، ويجُوزُ أن يكون موضعها نصباً، أي: ما نذكر إلاَّ هذا القول».
وهذا غيرُ مرضٍ؛ لأنَّ الحكاية بالقولِ معنى ظاهر لا يحتاج إلى تأويلٍ، ولا إلى تضمين القولِ بالذِّكْرِ.
وقال الزمخشريُّ: «اعْتراكَ» مفعول «نَقُول» و «إلاَّ» لغوٌ، أي: ما نقُولُ إلاَّ قولنا «اعْتَرَاكَ». انتهى.
يعنى بقوله: «لغوٌ» أنَّهُ استثناءٌ مفرَّغ، وتقديره بعد ذلك تفسيرُ معنى لا إعراب، إذا ظاهرُهُ يقتضي أن تكون الجملةُ منصوبةً بمصدرٍ محذوفٍ، ذلك المصدرُ منصوبٌ ب «تَقُول» هذا الظَّاهرُ.
ويقال: اعتراهُ يعتريه إذا أصابه، وهو افتعل من عراه يَعْرُوه، والأصلُ: اعترو مِنْ العَرْو، مثل: اغتَزَو من الغَزْو، فتحرَّك حرفُ العلَّة وانفتح ما قبله فقُلب ألفاً، وهو يتعدَّى لاثنين ثانيهما بحرفِ الجرِّ.
والمعنى: أنَّك شَتَمْتَ آلهتنا، فجعلتكَ مجنوناً، وأفسدت عقلك، ثم قال لهم هودٌ: ﴿إني أُشْهِدُ الله﴾ على نفسي ﴿واشهدوا﴾ يا قومي ﴿أَنِّي بريء مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾ من دُونهِ، يعنى: الأوثان.