جاز بينها وبين التاء، ولم يعدَّ ذلك جمعاً بين العوض والمعوَّض منه؟ فالكسرة أبعد من ذلك.
فإن قلت: قد دلَّت الكسرة في «يا غُلام» على الإضافة؛ لأنَّها قرينة الياءِ ولصيقتها، فإن دلَّت على مثل ذلك في: «يا أبت» فالتَّاء الَمعوَّة لغو، وجودها كعدمها.
قلت: [بل] حالها مع التَّاء كحالها مع الياءِ إذا قلت: «يا أبِي».
وكذا عبارة أبي حيَّان، فإنه قال: وهذه التَّاء عوض من ياءِ الإضافة فلا تجتمعان، وتجامع الألف التي هي بدل من التاء، كما قال: [الرجز]
٣٠٤٧ - يَا أبَتَا عَلَّكَ أوْ عَسَاكَا... وفيه نظر؛ من حيث إن الألف كالتاء لكونها بدلاً منها، فينبغي أن لا يجمع بينهما، وهذا تاء أصلها للتأَنيث.
قال الزمخشريُّ: «فإن قلتك ما هذه التَّاء؟ قلتك تاءُ التأنيث وقعت عوضاً من ياء الإضافة، والدَّليل على أنَّها تاء التَّأنيث: قلبُهَا هاءً في الوقف».
قال شهاب الدِّين: وما ذكرهُ من كونها تقلب هاءً في الوقف، قرأ به ابنُ كثير، وابن عامرٍ، والباقُون وقفوا عليها بالتَّاء، كأَنَّهم أجروها مجرى تاء الإلحاق في «بِنْت وأخْت» وممن نصَّ على كونهخا للتَّأنيث: سيبويه؛ فإنه قال: «سَألْت الخليل عن التَّاء في:» يَا أبتِ «فقال: هي بِمنزِلَة التَّاء في تاء» يا خالة وعمَّة «يعنى: أنَّها للتَّأنيث» ويدلُّ أيضاً على كونها للتأنيث: كتبُهم إيَّاها هاءً، وقياس من وقف بالتَّاء: أن يكُبهَا تاء، ك «بِنْت وأخْت».
ثم قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاز إلحاق تاءِ التَّأنيث بالمذكَّر؟.
قلت: كما جاز نحو قولك: حمامة ذكر، وشاةٌ ذكر، ورجل ربعة، وغلامٌ يفعة قلت: يعني: أنها جيء بهَا لمُجرَّد تأنيث اللفظ، كما في الأسماء المستشهد بها.
ثم قال الزمخشري: «فإن قلت: فلم ساغ تعويض تاءِ التأنيث من ياءِ الإضافة؟.
قلت: لأن التأنيث والإضافة تناسبان؛ في أنَّ كل واحدٍ منهما زيادة مضمومة إلى الاسم في آخره»
.
قال شهاب الدين: «وهذا قياسٌ بعيدٌ لا يعمل به عند الحُذاق، فإنَّه يسمَّى الشَّبه الطَّردِي، أي: أنه شَبَهٌ في الصُّورة».
وقال الزمخشري: «إنه قرىء» يَا أبتِ «بالحركات الثلاث:


الصفحة التالية
Icon