وقيل: إنَّه عائدٌ إلى الدُّخول كما تقدَّم.
وقيل: «إنْ» هنا بمعنى: «إذْ» يريدُ: إ ن شاء الله، كقوله: ﴿وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] أي: إذ كنتم مؤمنين.
ومعنى قوله: «آمِنينَ» أي على أنفسكم، وأموالكم، وأهليكم لا تخافون أحداً، وكان فيما سلف يخافون ملك مصر، وقيل: آمنين من القحطِ والشّدة وقيل آمنين من أن يضرهم يوسف بالجرم السالف.
﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ﴾ من باب التَّغليب، يريد: أباه وأمه أو خالته ﴿عَلَى العرش﴾ قال أهل اللغة: العرشُ: السَّريرُ الرَّفيعُ، قال تعالى: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل: ٢٣].
والرفع: هو النقل إلى العلو، و «سُجَّداً» حال.
قال أبو البقاء: «حال مقدرةٌ؛ لأنَّ السجود يكن بعد الخُرُورِ».
فإن قيل: إن يعقوب عليه السلام، كان أبا يوسف فحقُّه عظيم، قال تعالى: ﴿وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ وبالوالدين إِحْسَاناً﴾ [الإسراء: ٢٣] فقرون حق الوالدين بحق نفسه، وأيضاً: فإنَّه كان شيخاً كبيراً [والشاب] يجبُ عليه تعظيم الشيخ وأيضاً: كان من أكابر الأنبياء، ويوسف، وإن كان نبياً إلا أن يعقوب كان أعلى حالاً منه.
وأيضاً: فإن جدّ يعقوب، واجتهاده في تكثير الطّاعات أكثر من جد يوسف، واجتماع هذه الجهات الكثيرةِ يوجب المبالغة في خدمة يعقوب، فكيف استجاز يوسف أن يسجد له يعقوب؟.
فالجواب من وجوه:
الأول: روى عطاءٌ عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ المراد بهذه الآية أنهم خرُّوا سجداً لأجل وجدانه، فكيون سجود شكر لله تعالى لأجل وجدانه يوسف، ويدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العرش وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً﴾.
وذلك يشعر بأهم صعدوا على السرير، ثمَّ سجدوا لله، ولو أنهم سجدوا ليوسف لسجدوا له قل الصُّعود على السَّرير؛ لأنَّ ذلك أدخل في التَّواضع.
فإن قيل: هذا التَّأويلُ لا يطابق قوله: ﴿ياأبت هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ [يوسف: ١٠٠].
والمراد منه قوله: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشمس والقمر رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: ٤] قيل: معناه لأجلي، لطلب مصلحتي، وللسعي في إعلاء منصبي، وإذا احتمل هذا سقط السؤال.


الصفحة التالية
Icon