ورد عليه أبو حيَّان: بأنهم نصُّوا على أنَّ «فعلاً وفعَلة وفُعْلاً» ينوبُ عن «مَفْعُول» في المعنى، ولا يعمل عمله، فلا تقول: «مَرَرْتُ بِرجُل [ذبح] كَبْشَهُ ولا غَرَفَ مَاءهُ ولا قَبضَ مالهُ، وأيضاً فإنَّ الصفات لا تعمل إلاَّ إذا اعتمدت على أشياء مخصوصة وليس منها هنا شيء.
والعَجَبُ: تغير النَّشفس برؤية المستبعد في العادة.
وقال القرطبيُّ: العَجَبُ تغير النفس بما يخفى أسبابه.
قوله تعالى: ﴿أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ يجوز في هذه الجملة الاستفهامية وجهان:
أظهرهما: أنَّها منصوبة المحل لحكايتها بالقول.
والثاني: أنَّها، وما في حيزها في محل رفع بدلاً من:» قَوْلهِمْ «وبه بدأ الزمخشريُّ وعلى هذا فقولهم بمعنى مقولهم ويكونُ بدل كُلِّ؛ لأنَّ هذا هو نفس» قَوْلُهُم «، و» إذَا «هنا ظرفٌ محضٌ، وليس فيها معنى الشَّرط، والعاملُ فيها مقدر يفسره ﴿لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ تقديره: أئذا كُنَّا تراباً نبعث، أو نحشر، ولا يعمل فيها: ﴿خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ ؛ لا، ما بعد» إذَا «لا يعملُ فيما قبلها، ولا يعمل فيها» كُنَّا «لأضافتها إليها.
واختلف القراء في هذا الاستفهام المكرر اختلافاً منتشراً، وهو في أحد عشر موضعاً في تسع سور من القرآن ولا بد من تعيينها، [وبيان] مراتب القرَّاء فيها، فإن ضبطها عسر ليسهل ذلك بعون الله تعالى.
فأولها: ما في هذه السورة.
والثاني، والثالث: الإسراء وهما: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً﴾ [الإسراء: ٤٩] موضعان.
الرابع في المؤمنون: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٢].
الخامس في النمل: ﴿أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ﴾ [النمل: ٦٧].
السادس في العنكبوت: ﴿لَتَأْتُونَ الفاحشة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العالمين أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال﴾ [العنكبوت: ٢٨، ٢٩].
السابع في «الم» السجدة: ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [السجدة: ١٠].
الثامن، والتاسع في الصافات موضعان [الصافات: ١٦].
العاشر: في الواقعة: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ [الواقعة: ٤٧].
الحادي عشر في النازعات: ﴿أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحافرة أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً﴾ [النازعات: ١٠، ١١].