ذلك المكان أجزاء، وسمَّى لك جزءٍ غيابة؛ لأن للجُبِّ أقطاراً ونواحِي، فيكون فيها غيابات، والباقون: بالإفراد؛ لأن المقصُود: موضع واحد من الجُبِّ يغيب فيه يوسف، وابن هُرْمز كنافع، إلا أنَّه شدَّد الياء، والأظهر في ههذه القراءة: أن يكُون سُمِّي باسم الفاعل الذي للمبالغة، فهو وصف في الأصل، وألحقه الفارسي بالاسم الجائي على فعَّال، نحو ما ذكره سيبويه من الفيَّاد قال ابن جني: «ووجدت من ذلك الفخَّار: للخَزَف».
وقال صاحب اللَّوامح: «يجوز أن يكو على» فعَّالات «كحمَّامات، ويجوز أن يكون على» فيْعَالات «، كشَيْطَانَات، جمع شَيْطَانَه، وكلٌّ للمبالغة».
وقرأ الحسن: «في غَيَبةِ» بفتح الياء، وفيه احتمالان:
أحدهما: أن يكون في الأصل مصدراً؛ كالغلبة.
والثاني: أن يكون جمع غائب، نحو: صَانِع وصنَعَة.
قال أبو حيَّانك «وفي حرف أبيَّ:» في غيْبَةِ «بسكون الياء، وهي ظلمة الرَّكيَّة».
قال شهاب الدين: «والضبط أمر حادثٌ، فكيف يعرفُ ذلك من المصحف، وتقدَّم نحو ذلك، والغيابة، قال الهروي: شبه لجف أو طاقٍ في البئر فُويْق الماء يغيب ما فيه عن العُيُون».
وقال الكلبيُّ: «الغيابة تكون في قَعْر الجُبِّ؛ لأَنَّ اسفله واسعٌ، ورأسه ضيِّق، فلا يكاد النَّاظر يرى ما في جوانبه».
وقال الزمخشري: «هي غورة، وما غب منه عن عين النَّاظر، وأظلم من أسفله».
قال المنخل: [الطويل]
٣٠٥٤ - فإنْ أنَا يَوْماً غَيَّبَتْنِي غَيَابَتِي | فَسِيرُوا بسَيرِي في العَشِيرةِ والأهْلِ |