بالفعل، فلو كان العبد مستقلاً بتحصيل الإيمان، ولكان قادراً على ردّ ما أراد الله تعالى من كفر، وحينئذٍ بطل قوله: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ﴾ ؛ فثبت أنَّ الآية السابقة، وإن أشعرب بمذهبهم إلا أن هذا من أقوى الدلائل على مذهبنا.
روى الضحاك عن ابن عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: لم تغن المعقبات شيئاً وقال عطاء عنه: لا رادّ لعذابي، ولاناقض لحكمي: ﴿وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾، أي: ليس لهم من دون الله من يتولاهم، ويمنع قضاء الله عنهم، أي: مال هم والٍ يتولَّى أمرهم، ويمنع العذاب عهم.
قوله: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ﴾ » العامل في «إذَا» محذوف لدلالة جوابها عليه تقديره: لم يرد أو وقع، أو نحوهما، ولا يعمل فيها جوابها؛ لأنَّ ما بعد الفاء لا يعملُ فيما قبلها.
قوله تعالى: ﴿هُوَ الذي يُرِيكُمُ البرق﴾ الآية لما خوَّف العباد بإنزال ما لا مرد له، أتبعه بذكر هذه الآية المشتملة على قدرة الله تعالى وحكمته، وهي تشبه النعم والإحسان من بعض الوجوه، وتشبه العذاب، والقهر من بعض الوجوه.
قوله: «خوفاً وطمعاً» يجوز أن يكونا مصدرين ناصبهما محذوف، أي: يخافون خوفاً، ويطمعون طمعاً، ويجوز أن يكونا مصدرين في موضع نصب على الحالِ، وفي صاحب الحال حينئذ وجهان:
أحدهما: أنه مفعول: «يُرِيكُمْ» الأول، أي: خائفين طامعين، أي: تخافون صواعقه وتطمعون في مطره، كما قال المتنبي: [الطويل]

٣١٧٠ - فَتًى كالسَّحابِ الجُونِ يُخْشَى ويُرْتَجَى يُرجَّى الحَيَا مِنهَا وتُخْشَى الصَّوعِقُ
والثاني: أنَّه البرق، أي: يريكموه حالَ كيف ذا خوفٍ وطمعٍ، إذ هو ف ينفسه خوف وطمع على المبالغة، ولمعنى كما تقدَّم.
ويجوز أن يكون مفعولاً من أجله، ذكره أبو البقاء، ومنعه الزمخشريُّ لعدم اتِّحادِ


الصفحة التالية
Icon