أي: مقام العباد عندي، وهو من باب إضافة المصدر إلى المفعول.
الثالث: لمن خاف مقامي، أي: لمن خافني، وذكر المقام هنا، كقولك سلامٌ على المَجْلسِ الفُلاني، والمراد: السَّلام على فلان.
قوله: ﴿وَخَافَ وَعِيدِ﴾ قال الواحدي: الوعيد اسمٌ من أوْعَد إيعَاداً وهو التَّهديد.
قال ابن عباس: خاف ما أوعدت من العذاب.
وهذا الآية تدلُّ على أنَّ الخوف من الله تعالى غير الخوف من عيده؛ لأن العطف يقتضي المغايرة.
قوله
: {واستفتحوا
} العامة على «اسْتفْتَحُوا» فعلاً ماضياً، وفي ضميره أقوال:
أحدها: أنه عائد على الرًّسلِ الكرام، ومعنى الاستفتاح: الاستنصار كقوله: ﴿إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الفتح﴾ [الأنفال: ١٩].
وقيل: طلب الحكم من الفتاحة، وهي الحكومة، كقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين﴾ [الأعراف: ٨٩].
الثاني: أن يعود على الكفار، أي أستفتح أمم الرسل عليهم؛ كقوله تعالى: ﴿فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء﴾ [الأنفال: ٣٢] وقيل: عائد على القولين؛ لأن كلاَّ طلب النصر على صاحبه.
وقيل: يعود على قريش؛ لأنهم في سني الجدب استمطروا فلم يمطروا، وهو على هذا مستأنف، وأما علىغيره من الأقوال فهو عطف على قوله: «فاوحى إليهم».
وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن محيصن رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم «واستفتحوا» على لفظ الأمر أمراً للرسل بطلب النصرة، وهي تقوية لعوده في المشهورة على الرسل، والتقدير: قال لهم: لنهلكن، وقال لهم: استفتحوا.
قوله: «وخاب» هو في قراءة العامة عطف على محذوف، وتقيدره: استفتحوا، فنصروا، وخاب، ويجوز أن يكون عطفاً على «استفتحوا» على أن الضمير فيه للكفار، وفي غيرها على القول المحذوف وقد تقدم أنه يعطف الطلب على الخبر وبالعكس.
إن قلنا: المستفتحون الرسل عليهم الصلاة والسلام، فنصورا وظفروا، وهو قول مجاهد