أولى؛ لأنَّ القادر على الأصعب الأعظم؛ يقدر على الأسهل الأضعف بطريق الأولى.
قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: هذا الخطاب مع كفَّار مكَّة يريد أميتكم يا معشر الكفَّار، وأخلق قوماً خيراً منكم وأطوع منكم.
﴿وَمَا ذلك عَلَى الله بِعَزِيزٍ﴾ أي: ممتنع لما ذكرنا من الأولوية.
قوله: ﴿وَبَرَزُواْ للَّهِ جَمِيعاً﴾ الآية لما ذكر عذاب الكفار وبطلان أعمالهم ذكر هنا كيفية حجتهم عند تمسك أتباعهم، وكيفية افتضحاهم عندهم.
و «بَرَزَ» معناه في اللغة: ظَهَرَ بَعْدَ الخفاءِ، ومنه يقال للمكانِ الواسع البرَازُ لظهوره.
وقيل: في قوله تعالى: ﴿وَتَرَى الأرض بَارِزَةً﴾ [الكهف: ٤٧] أي: ظاهرة لا يسترها شيء وامْرأةٌ بَرْزَةٌ: إذا كانت تعظهر للنَّاس، ويقال: فلانٌ برز على أقرانه، إذا فاقهم وسبقهم، وأصله في الخيل إذا سبق أحدهما قيل: بَرَزَ عَليْهَا كأنَّهُ قد خرج من غُمارها.
وورد بلفظ الماضي وإن كان معناه الاستقبال؛ لأنَّ كل ما أخبر الله عنه فهو حقٍّ وصدق، فصار كأنه قد حصل، ودخل في الوجود، كقوله تعالى: ﴿ونادى أَصْحَابُ النار﴾ [الأعراف: ٥٠].

فصل


البُرُوزُ في اللغة قد تقدَّم أنه بمعنى الظُّهور بعد الاستِتَارِ وهذا في حق الله محالٌ، فلا بد من التأويل، وهو من وجوه:
الأول: أ، هم كانوا يستترون من الغير عند ارتكاب الفواحش ويظنون أن ذلك يخفى على الله تعالى فإذا كان يوم القيامة انكشفوا عند الله تعالى وعلموا أن الله لا يخفى عليه خافية.
والثاني: أنَّهم خرجوا من قبورهم، فبرزوا لحساب الله تعالى قالت الحكماءُ:


الصفحة التالية
Icon