وقال الراغب: «أصل الجَزْعِ: نقطعُ الحَبْلِ، يقال: جَزعْتهُ فانْجَزعَ ومنه: جِزْعُ الوادي لمنقطعة، ولانقطاع اللون بتغيره.
وقيل للخرز المتلون: جِزْع، واللحم المُجَزَّعُ: ما كان ذا لونين والبسرة المجزعة: أن تبلغ الأرطاب نصفها، والجَاذِعُ: خشبة تجعل في وسط لبيت فتلقى عليها رؤوس الخشب من الجانبين، وصور الجزعة لما حمل عليه من العبء أو لقطعه بطوله وسط البيت».
والجَزَع أخص من الحزن، فإن الجزع حزنٌ يصرف الإنسان عما هو بصدده.
والمَحِيصُ: يكون مصدراً كالمَغِيب والمَشِيب، ويكون اسم مكان، كالمَبِيت والمَضِيق ويقال: حَاصَ عنه وحَاضَ بمعنى واحد، ويقال: خاض بالضاد المعجمة، وجصنا بها بالجيم.
والمعنى: مالنا من ملجأ ولا مهرب. فقام إبليس عند ذلك فخطبهم فقال ﴿إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق﴾.
قوله: ﴿وَعْدَ الحق﴾ يجوز أن يكون من باب إضافة الموصوف الصفته، كقوله تعالى: ﴿وَحَبَّ الحصيد﴾ [ق: ٩] ومسجد الجامع، أي: الوعد الحق، وأن يراد ب «الحقِّ» صفة الباري تعالى، أي: وعدكم الله وعده الحق، وأن يراد ب «الحَقِّ» البعث، والجزاء على الأعمال، فتكون إضافة صريحة.
وقيل: وعدكم الحق ثمَّ ذكر المصد تأكيداً، وفي الكلام إضمارٌ من وجهين:
الأول: التقدير: أن الله وعدكم وعد الحق فصدقكم ووعدتكم فأخلفتكم وحذف لدلالة الحال على صدق ذلك الوعد؛ يقتضي مفعولاً ثانياً، وحذف للعلم به تقديره: ووعدتكم أن لا جنّة، ولا نار، ولا حشر، ولا حساب.
فصل
لما [ذكر] الله سبحانه وتعالى المناظرة التي وقعت بين الرؤساء والأتباع أردفها بالمناظرة التي وقعت بين الشيطان وأتباعه فقال: ﴿وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر﴾ قال المفسرون: إذا استقر أهلُ الجنَّة في الجنَّة، وأهل النَّار في النَّار أخذ أهل النار في لوم إبليس وتقريعه، فيقوم فيما بينهم خطيباً، فيقول: «إنَّ اللهَ وعدَكُمْ وعْدَ الحقِّ ووَعدتُّكُمْ فأخْلفَتُكُمْ».
وقيل: المراد من قوله تعالى: ﴿لَمَّا قُضِيَ الأمر﴾ أي: لما انقضت المحاسبة والمراد من الشيطان: إبليس لعنه الله!.