أحوال الأشقياء، وأحوال السعداء ذكر مثالاً للقسمين وف «ضَرَبَ» أوجه:
أحدها: أنه متعد لواحد بمعنى اعتمد مثلاً ووضعه، و «كَلِمةً» على منصوبة بمضمر، أي: جعل كلمة طيبة كشجرة طييبة، وهو تفسير لقوله: «ضَربَ اللهُ مَثلاً» كقولك: شَرفَ الأمير زيْداً كَساهُ حُلَّةً، وحلمه على ضربين، وبه بدأ الزمخشريُّ.
قال أبو حيان رَحِمَهُ اللَّهُ: «وفيهن تكلف إضمار، ولا ضرورة تدعو إليه».
قال شهاب الدين: «بل معناه محتاج إليه فيضطر إلى تقديره محافظة على لمح هذا المعنى الخاص».
الثاني: أنَّ «ضَرَبَ» متعدية لاثنين؛ لأنها بمعنى «صَيَّرَ» لكن مع لفظ المثل خاصة، وقد تقدَّم تقرير هذا أوَّل الكتاب، فيكون «كَلمَةٌ» مفعولاً أولا، و «مَثلاً» هوالثاني مقدم.
الثالث: أنَّه متعدٍّ لواحد، وهو «مَثَلاً»، و «كَلمَةً» بدل منه، و «كَشجَرةٍ» خبر مبتدأ مضمر، أي: هي كشجرة طيبة وعلى الوجهين قبله يكون «كَشجَرةٍ» نعتاً ل: «كَلِمَةً».
وقرىء «كَلِمةٌ» بالرفع، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه خبر مبتدأ مضمر، أي: هو، أي: المثل كلمة طيبة، ويكون «كَشجَرة» على هذا نعتاً ل «كَلِمَةٍ».
والثاني: أنَّها مرفوعة بالابتداء، و «كَشجَرةٍ» خبر.
وقرأ أنس بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «ثَابِتٌ أصْلُهَتا».
قال الزمخشريُّ: فِإن قلت: أي فربق بين القراءتين؟ قلت: قراءة الجماعة أقوى معنى؛ لأنَّ قراءة أنس أجرت الصفة على الشجرة، ولو قلت: مررتُ برجُلٍ أبُوهُ قَائِمٌ، فهو أقوى من «رَجُل قَائِم أبوهُ» ؛ لأنَّ المخبر عنه إنَّما هو الأب، لا «رجل». والجملة من قوله: «أصْلُهَا ثَابتٌ» في محلِّ جرٍّ نعتاً ل «شَجَرةٍ».
وكذلك «تُؤتِي أكلها» ويجوز فيهما أن يكونا مستأنفين، وجواز أبو البقاء في «تُوتِي» أن يكون حالاً من معنى الجملة التي قبلها، أي: ترتفع مؤتية أكلها، وتقدم الخلاف في «أكُلَهَا».
فصل
المعنى: ألم تعلم، والمثل: قول سائر كتشبيه شيء بشيء: «كَلِمة طَيِّبةً» هي قول: لا إله إلا الله «كَشجَرةٍ طَيِّبةٍ» وهي النَّخلةُ يريد: كشجرة طيبة الثمر.